نجح المدرب الأرجنتيني مارسيلو بييلسا في قيادة فريقه أتلتيك بيلباو الإسباني لكرة القدم، إلى التألُّق في جميع المسابقات التي شارك فيها هذا الموسم، لعل آخرها تحقيق فوز تاريخي في ذهاب دور الـ 16 من الدوري الأوروبي، على العملاق مانشستر يونايتد الإنكليزي في معقله "الأولد ترافورد" (2-3).
وأعطى الضيوف الإسبان في هذه المباراة درساً تكتيكياً للفرق التي تزور الملعب الإنكليزي الشهير وهي تكتسي بالحذر والخوف، فقد لعبوا بشجاعة هجومية وتوازن بدني ومهاري، ونجحوا في تعويض تأخرهم بهدف، إلى تقدُّم، قلَّما يحدث على الشياطين بـ 3-1، ولولا ضربة الجزاء، التي منحها الحكم الألماني فلوريان ميير (غير الموفق) لليونايتد، وسجَّل منها الأخير هدف تقليص الفارق، لكانت بطاقة التأهُّل إلى الدور ربع النهائي أقرب بنسبة أكبر إلى لاعبي المدرب الأرجنتيني، مع أن العودة لروني ورفاقه تبدو صعبة جداً في ملعب "سان ماميس"، الذي يتسع لـ 55.500 متفرج، فمنافسهم لم يخسر على ملعبه محلياً منذ 12 مباراة متتالية في جميع المسابقات، وكانت آخر خسارة له في 27/11/2011 مع غرناطة في الدوري، وهي الهزيمة الثانية فقط على أرضه بعد الخسارة من ريال بيتيس، من أصل ست هزائم عموماً في الدوري، رغم تشديد المدرب على لاعبيه بأنه "لا تزال أمامنا مباراة لنلعبها وما حققناه في الذهاب لن يكون له قيمة إلا بالفوز في الإياب الخميس المقبل".
طموحات لا تنتهي
يحتل بيلباو المركز الخامس على لائحة الترتيب (37 نقطة)، بفارق نقطة واحدة فقط عن ليفانتي، وهو أفضل مركز له منذ ما لا يقل عن 15 عاماً، لكن الفريق الـ"باسكي" يطمح لما هو أبعد من المشاركة مرة جديدة في الـ"يورباليغ"، فبعد مرور 25 مرحلة من الـ "ليغا"، وتحقيق الفوز بتسع مناسبات منها، يُمنِّي أبناء بييلسا النفس بانتزاع بطاقة الدخول إلى المربع الذهبي، ليضمنوا مشاركة، غابت عنهم طويلاً في المسابقة الأوروبية الأعرق للأندية (دوري أبطال أوروبا)، لكن عليهم تجنب زيادة رصيدهم في التعادلات مجدداً، والذي بلغ عشرة في المراحل السابقة، ثاني أكبر رصيد في التعادلات بعد راسينغ سانتندير (12).
عراقة في الكأس
لم يكتفِ الدولي فيرناندو لورينتي ورفاقه بالوصول إلى مركز مُميَّز في الدوري، حتى الآن، بل ذهبوا بعيداً في مسابقة كأس الملك، وضربوا موعداً في نهائي المسابقة مع برشلونة، وذلك استمراراً لعراقتهم في هذه البطولة التي يملكون بها ثاني أفضل رصيد (24 بطولة) بعد برشلونة (25).
وكان بيلباو قد أزاح مفاجأة الكأس لهذا الموسم نادي ميرانديس بفوزه عليه ذهاباً (2-1) وإياباً (6-2)، في الدور نصف النهائي، بعد تخطي ريال مايوركا، والباسيتي، ورايو أوفييدو في أدوار سابقة، لينتظر النادي الكتالوني، في إعادة لنهائي عام 2009 الذي خسره أتلتيك 1-4 على ملعب "المستايا" في فالنسيا.
النزعة القومية
ومن المعروف عن أتلتيك النزعة القومية، التي تميِّزه عن أقرانه في إسبانيا وفي معظم أنحاء القارة العجوز، حيث لا يضم بين صفوفه أي لاعب من خارج أقليم الـ"باسك"، ولا يُعتبر المدافع الدولي الفنزويلي فيرناندو أموريبيتا أجنبياً، فبالرغم من ولادته في العاصمة الفنزويلية "كاركاس"، من أبوين إسبانيين، إلا أنه استقر بعمر السنتين في إقليم الباسك، وكان قد اختار تمثيل منتخب فنزويلا دولياً. بعد مشاركته مع منتخب إسبانيا تحت 19 عاماً.
واستطاع أموريبيتا حَجز مكان أساسي له منذ عام 2006، وسجل ثلاثة أهداف هذا الموسم.
نجوم ليسوا في الظل
ولا يمكن التطرق لكتيبة بيلباو دون الإشارة أولاً إلى مهاجم منتخب إسبانيا فيرناندو لورينتي (26 عاماً)، صاحب الـ 13 هدفاً في الدوري، ومتصدِّر قائمة هدافي الكأس هذا الموسم، برصيد 5 أهداف.
ويُعد لورينتي من أبرز هدافي الـ"ليغا" خصوصاً في التسديدات الرأسية المُتقنة. مما حدا بنادي ليفربول الإنكليزي مخاطبة ود اللاعب ذي القامة الطويلة في أكثر من مناسبة.
وإضافة للورينتي، تضم تشكيلة بييلسا لاعباً مهارياً شاباً بدأ اسمه يتردد كثيراً في الملاعب الإسبانية هذا الموسم، وهو إيكر مونيان (19 عاماً)، الذي ساهم بشكل كبير في اجتياز فريقه لعقبة لوكوموتيف موسكو، في الدور 32 من الدوري الأوروبي، إثر تسجيله هدفاً في مباراة الذهاب، التي انتهت بفوز الفريق الروسي 2-1، وهدف الفوز الوحيد في مباراة العودة على ملعب "سان ماميس" (1-0). مما استدعى مدرب المنتخب الإسباني فيسنتي ديل بوسكي توجيه الدعوة له في مباراة فنزويلا الودية، والتي انتهت بفوز "الماتدور" بخماسية نظيفة نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، قبل أن يتألَّق الفتى الباسكي في المباراة الأخيرة ضد مانشستر ويوقِّع على الهدف الثالث.
ولا يمكن إغفال دور غايزكا توكيرو كبديل ممتاز للورينتي أو مهاجم مساند يعدّ الكرات لزملائه في منطقة العمليات.
بييلسا مطلوب في لندن
رفض بييلسا مؤخراً، إغراءات الروسي رومان ابراموفيتش رئيس نادي تشلسي الإنكليزي لتدريب الـ"بلوز"، وفقاً لما ذكرته تقارير إخبارية، ليزيد احترام الرجل لدى لاعبيه وجمهور الفريق.
وجاء تعيين مدرب تشيلي والأرجنتين سابقاً كتنفيذ لوعد خوسو أوروتيا رئيس نادي أتلتيك بيلباو، الذي فاز بمنصبه صيف العام الماضي.
وخَلفَ بييلسا (56 عاماً) زميله خواكين كاباروس، الذي قاد الفريق للمركز السادس في الدوري موسم 2010/2011، ولعل تصريح المدرب الجديد في الصيف بأن يحول بيلباو إلى فريق "بطولة"، يبدو واقعياً بالنظر إلى نتائج الفريق في المسابقات الثلاث، إضافة للأسلوب الناجع في السيطرة على خط وسط الملعب ومحاصرة المنافس في وسط ملعبه، والاستحواذ على الكرة معظم الوقت والترابط بين الخطوط.