عاشت جزيرة قبرص أيام حلوة قبل قدوم ريال مدريد، الفريق الإسباني العريق والغني عن التعريف في عالم كرة القدم العالمية.
الأيام الحلوة التي عاشتها الجزيرة المتوسطية الهادئة كانت استعداداً لوصول الفريق العريق الذي سيواجه فريق أبويل المحلي في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم من جهة والذي سيحل ضيفاً على البلاد وبالتالي ستسنح الفرصة لما تيسر من القبارصة الذين سيدخلون الملعب لمشاهدة رونالدو وكاكا وبنزيمة وأوزيل وهيغواين وكاسياس ضمن كتيبة الفريق الأبيض للمرة الأولى على أرض الواقع وليس من خلف شاشات التلفزة، هؤلاء النجوم الذين يساوون الملايين التي لا يمكن تخيلها بلغة الأرقام وعالم المال، ومن جهة ثانية يمنون النفس أن ينتفض فريقهم المتواضع في عالم الكرة المستديرة والمتسلح بالأمل والعزيمة أن يجاري ويقارع فريق مورينيو الملكي مقارعة الكبار وينازله على الساحة منازلة الأشداء الأشاوس.
نفذت التذاكر قبل وقت طويل ورفعت شبابيك بيع البطاقات الرايات البيض معلنة نفاذ التذاكر، 23 الف متفرج سعة الملعب الأكبر في قبرص وتحديداً في نيقوسيا امتلأت عن بكرة أبيها بالمشجعين القبارصة المتشدقين لمشاهدة المباراة، ومرت لحظات حلوة وقف فيها الفريق المحلي نداً لخصمه الإسباني وإن لم يقم بهجمات خطيرة تذكر لأن الموقف له هيبته في نهاية المطاف فأنت تلاقي فريقاً ملكياً بكل معنى الكلمة ورجاله مسؤولون عن التاريخ والجغرافيا أي أنهم يحملون على عاتقهم مهمة الدفاع عن تاريخ وعراقة وأصالة النادي من جهة وعن موقعه الجغرافي، مدريد، التي هي عاصمة أبطال العالم والتي شهد ملعبها "سانتياغو برنابيو" حفلات أعراس كروية على مدى قرن مضى.
ولكن الواقع تغير مع قرب إنتهاء المباراة، وانتفض نجوم ريال مدريد وتحركت الحمية في دماء ملايين الدولارات التي كانت متواجدة على أرض الملعب، وانتفض "الكبير" ليفوز بثلاثية نظيفة مؤكداً من جهة أنه لم يستهن بخصمه لمدة ناهزت ثلثي الوقت بل احترمه وقارعه واعترف له بالدور الجبار الذي اداه طوال 75 دقيقة ومؤكداً من ناحية ثانية أنه لا بد له من الفوز ولو خارج أرضه مع العلم أن مباراة الإياب على أرضه وبإمكانه الفوز بكل تأكيد ولكنه فضل حسم الأمور باكراً ليعطي فلسفة جديدة ان الكبير يبقى كبيراً سواء على ملعبه أو في أي بقعة.
ولكن الاحترام وكل التحية للفريق القبرصي الذي قارع الكبير ريال مدريد وأمتع جمهوره وأعطانا درساً في المقاومة والعناد والدفاع المستكين حتى آخر رمق لأنه لا بد من الاعتراف دوماً بفلسفة ومعتقد الفارق المادي والمعنوي بين الفريقين، الكبير في هذه المرحلة كان أبويل لأنه ناضل طيلة الفترة الماضية وتعملق وتألق نجماً في سماء الكرة الأوروبية ليعيش حلماً "لاذورديا" طعمه حلو ولكن نهايته لم تكن كما يشتهي فلا بد لكل قطار أن يتوقف في محطة ما، وكانت المحطة إسمها ريال مدريد هذه المرة، وبالتأكيد رفع نجوم ريال مدريد القبعة احتراما وإجلالاً للفريق المضيف واستمتعوا بشمس قبرص الجميلة.
فالكبير يبقى كبيراً مهما دارت الأيام، وها هو ريال مدريد يخطو، وهو المرشح القوي للفوز باللقب الأوروبي، إلى بر الأمان ويسير قدماً لتحقيق ثنائية أوروبية ومحلية إذا ما استقرت الأمور أوروبياً كما تشتهي سفنه.