عندما احتفل لاعبو ميلان مع بعضهم بالتعادل مع يوفنتوس في لقاء نصف نهائي الكأس في تورينو ركض لاعبو يوفنتوس للاحتفال مع مدرّبهم بعد التأهل.. وهذا أكبر دليل على تأثير هذا المدرّب في فريقه.
هو ليس أي مدرّب كما لم يكن أي لاعب، هو أنطونيو كونتي الذي عُرف حين كان لاعباً بشخصيته القوية داخل الملعب وخارجه الأمر الذي جعله مرشّحاً لدخول عالم التدريب على نحو سريع خاصة بعد نجاحه في قيادة يوفنتوس التي هي إحدى الميزات التي يجب أن تتوفر في مدرب كرة القدم.
لم يكن اختياره ليكون مدرّباً أمراً مفاجئاً حيث يُجمع كل اللاعبين الذين عايشوا زمن كونتي بوصفه لاعباً أنه صاحب أفكار ممتازة تكتيكياً، فقد كان دائماً يوجّه اللاعبين داخل الملعب مما جعله خليفة المدرب داخل الملعب.
الآن وبعد 30 أسبوعاً و34 مباراة مع السيدة العجوز دون أية خسارة مما يجعل اليوفي الفريق الوحيد في العالم دون أية خسارة هذا الموسم, آن الأوان -على الأقل للتنويه بهذا المدرّب الشاب الذي هو أكبر من المراهنات عليه مع يوفنتوس ـ لحصوله على المركز الثالث نهاية هذا الموسم.
البداية لاعباً
في مسقط رأسه ليتشي حيث ولد في 31 تموز/يوليو 1969, كانت بداية اللاعب مع نادي المدينة, بدأ صغيراً جداً مع فريق الشباب لينتقل بعدها إلى الفريق الأول في 1985، لفت أنظار إداريي يوفنتوس إليه, ولم ينتظر نادي السيدة العجوز طويلاً حتى يستقدم أنطونيو، لتكون بداية لحكاية جميلة ما زالت تكتب كلماتها وفصولها حتى اليوم.
كونتي لعب مع يوفنتوس، وقاده، وكاد أن يحقق له لقب دوري الأبطال في نهائي موسم 2002/2003 أمام ميلان من رأسية قوية مرّت فوق زاوية مرمى ديدا بسنتميترات قليلة قبل أن تعود لتنتهي المباراة يومها بفوز ميلان بضربات الترجيح.
مع أن الكثيرين شككوا حينها في قدرته على إثبات نفسه في صفوف يوفنتوس النادي الأقوى والأعرق في إيطاليا, قدّم كونتي نفسه قائلاً: ''أريد أن أفرض نفسي وأصبح مثل بيبي فورينو وماركو تارديللي نجمي اليوفي اللذين كتبا اسميهما بأحرفٍ من ذهب"، وهو الأمر الذي نجح كونتي في إثباته بسرعة فائقة.
الانتقال للتدريب
حتى أثناء تنقّله مدرّباً بين الأندية بداية من سيينا (مساعد مدرّب لدي كانيو) مروراً بأريتزو في الدرجة الثالثة وباري في الدرجة الثانية الذي قدّم معه أداءاً ممتازاً, وصولاً إلى أتالانتا وسيينا في الدرجة الأولى, كانت أنظار يوفنتوس أيضاً تتجه نحوه, لكن هذه المرة بوصفه مدرّباً.
ولاقى خبر التعاقد مع كونتي بوصفه مدرّباً الكثير من الاستحسان من جماهير السيدة العجوز، فلم يخيّب أنطونيو كونتي آمال الجماهير, بل إنه أبهرهم كما أبهر جميع من راهن على عدم تمكنه من إدارة فريق بعراقة يوفنتوس, خاصة بعد تدهور مستوى الفريق في السنوات السابقة بعد أزمة الكالتشوبولي التي يعتقد جماهير يوفنتوس أنها كانت مؤامرة لإسقاط الفريق القوي الذي فاز بكل شيء.
من هناـ ولهذا السّبب تحديداًـ كانت مهمة كونتي في العودة بيوفنتوس إلى القمة مسألة من الصعوبة بمكان, بل هي شبه مستحيلة، لكن كونتي قبِل الرهان والتحدي, وأثبت أنه أفضل من يقود السيدة العجوز ويعيدها إلى سابق عهدها.
موسم ناجح بكل المقاييس
لم تكن مهمة كونتي عادية, فالضغوط في فريق كاليوفي هي أكبر بكثير من الضغوط التي اعتاد عليها في مسيرته مدرباً.
في زمن الانتدابات مطلع الموسم حصل كونتي على ما أراده من الإدارة, و كما هي الحال في كل الأندية نجحت صفقات وأخفقت أخرى.
تألق ليختشتاينر وفيدال, أبدع بيرلو, أقنع جاكيريني, أمتع كاسيريس... صحيح أن إليا أخفق ولم يجد له مكاناً, وأن بورييللو لم يحصل على ثقة الجمهور, لكن يحسب لكونتي أنه جعل الجميع يسيرون في الاتجاه نفسه، ويعملون للهدف نفسه.
يبقى دل بييرو اللاعب الذي يُحسب على كونتي أنه لم يثق به كثيراً في مباريات كان يمكن لأليكس أن يحسمها، وهكذا كانت التعادلات الـ 14.
نقطة سلبية نوعاً ما, ففي العديد من تلك المباريات كان يمكن أن يفوز بها يوفنتوس.
الآن اقترب كونتي كثيراً من تحقيق الحلم, مهما انتهى الموسم فهو صار في قلوب عشاق البيانكونيري, إن فاز باللقب فسيدخل التاريخ.
وإن لم يفعل فلا بأس لهذا الموسم, يكفي أنه ساعدهم كي يعودوا إلى البيت الذي يجب أن يبقوا فيه دائماً, وهو بيت دوري الأبطال.
في الموسم المقبل سيكون لنشيد دوري الأبطال معنى آخر في ملعبهم الجديد, ولكونتي دور كبير في ذلك...