عادت فضائح الرشوة لتظهر في أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد التقرير الذي نشره مجلس أوروبا حول تستُّر رئيس الفيفا السويسري جوزف بلاتر على قضية "إي إس إل" الشريك التسويقي السابق للسلطة الكروية العليا والذي أفلس عام 2001.
وأشار التقرير الذي نشره مجلس أوروبا في المنظمة الدولية التي تأسست عام 1949 والمكوَّنة من 47 دولة أوروبية لكنّها منفصلة وليست جزءاَ من الاتحاد الأوروبي ولا علاقة لها بمجلس الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي (عضوان في الاتحاد الأوروبي)، استناداً إلى شهادة أدلى بها المدَّعي العام السويسري توماس هيلدبراند و قال فيها: إن "إي إس إل" دفعت مبلغ 12.74 مليون فرنك سويسري ( 10.6 ملايين يورو حالياً) إضافة إلى 1.5 مليون فرنك سويسري ( 1.2 مليون يورو) لأحد مسؤولي الاتحاد الدولي من أجل الحصول على حق النقل التلفزيوني لكأس العالم.
وأضاف التقرير: "من الصعب التصوّر بأن بلاتر لم يكن على علم بما يحصل، حتى وإن لم يحصل شخصياً على المال من الشركة التي أفلست عام 2001".
وألقت قضية "إي إس إل" بظلالها على معظم فترة الأعوام الـ 14 التي أمضاها بلاتر في رئاسة الفيفا، وشكَّكت مجدداً في مسعاه من أجل تحقيق الإصلاح في السلطة الكروية العليا التي عاشت مؤخراً فترة عصيبة نتيجة الفساد والتهم بالفساد التي أدت إحداها إلى إيقاف رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام مدى الحياة، على خلفية اتهامه بدفع الأموال من أجل الحصول على الأصوات في انتخابات رئاسة الفيفا التي ذهبت مجدداً لمصلحة بلاتر المرشح الوحيد.
وتعهَّد بلاتر بعد انتخابه العام الماضي لولاية رابعة بأن يكافح الفساد وأن يطلق سراح كل الملفات المهمَّة التي تكشف من هم العاملون في الفيفا الذين حصلوا على الرشوة، لكنه لم يصدُق في تعهُّده مُدَّعياً أنه ليس بإمكانه القيام بهذه الخطوة طالما أن هناك دعاوى استئناف مقدمة أمام المحكمة العليا في سويسرا من قبل أشخاص لم تُحدَّد هويتهم.
وأكدت بعض التقارير أن رئيس الاتحاد الدولي السابق البرازيلي جواو هافيلانج من بين الأشخاص الذين لم تُحدَّد هويَّتهم في عملية اللجوء إلى المحكمة العليا في سويسرا، وصهره السابق ريكاردو تيكسييرا الذي استقال الشهر الماضي من رئاسة الاتحاد البرازيلي لكرة القدم لأسباب قيل إنها "صحية"، في حين أنه اضطر للقيام بذلك بسبب تُهم الفساد التي تلاحقه.
ورأى مجلس أوروبا أنه ليس هناك أي سبب يحول دون أن يكشف "فيفا" عن جميع الملفات المصنَّفة مهمة، فيما كتب فرانسوا روشبلوان أحد أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية عن هذا الموضوع قائلاً: "أعتقد أن بلاتر لم يقم بأي شيء لنشر جميع المعلومات التي يملكها أو التي كان يملكها الاتحاد الدولي، ولم يتَّخذ أي إجراء إن كان داخلياً أو بالمحاكم من أجل السماح للاتحاد بأن يصلح نفسه".
وتابع: "السيد بلاتر كان المدير الفني للفيفا (عمل مديراً لبرامج التطوير) من 1975 حتى 1981، ثم أصبح الأمين العام من 1981 حتى 1998 ثم رئيساً منذ ذلك العام، ولأن الفيفا كان على علم بالأموال التي دفعت لبعض مسؤوليه، فمن الصعب التصوّر بأن السيد بلاتر لم يكن على علم بما يحصل".
وطالب البرلمان الأوروبي أن يدفع الفيفا لكي ينشر ملف "إي إس إل"، والتحقيق أيضاً بكيفية انتخاب بلاتر رئيساً مرة أخرى في حزيران/ يونيو الماضي، بعد انسحاب منافسه بن همام لاتهامه بدفع الرشوة من أجل الحصول على الأصوات.
وتابع: "التحقيق المفصَّل والشامل أمر حتمي، لدينا الحق في معرفة الحقيقة، ومعرفة الحقيقة لا يمكن أن تؤثر إلا على أولئك الذين لديهم ما يخفونه، السيد بلاتر رئيس الفيفا لكنه ليس الفيفا ويجب عليه عدم الخلط بين ما هو في مصلحته الشخصية مع ما هو في مصلحة المنظمة التي من المفترض أن يخدمها".
وختم: "كما شرح السيد هيلدبراند (المدعي العام السويسري)، الفيفا متهم بموجب القانون السويسري، لكنه كان أيضاً ضحية المال المدفوع من تحت الطاولة لبعض المسؤولين الذي يفتقرون إلى الضمير، كان يجب أن يدفع لفيفا".