تأهل أتلتيكو مدريد الإسباني بجدارة وأحقية واضحتين إلى الدور النهائي من "يوروبا ليغ" أو الدوري الأوروبي لكرة القدم بعد تكرار تغلبه على مواطنه فالنسيا بنتيجة (1-0) ضمن إياب الدور نصف النهائي للمسابقة في المباراة التي أقيمت اليوم على ملعب الـ"ميستايا".
واعتبرت هذه النتيجة كافية لأتلتيكو لتحقيق عبوره إلى موقعة النهائي، ذلك أنه فاز ذهاباً على أرضه بـ(4-2).
وسجل الهدف الوحيد للقاء المهاجم الواعد أدريان لوبيز (60)، والذي ترجم جدارة أبناء العاصمة بالتواجد في محفل النهائي الذي سيقام بالعاصمة الرومانية بوخارست بنسخة إسبانية خالصة عقب نجاح مواطنه الآخر أثلتيك بيلباو في تجاوز عقبة ضيفه سبورتينغ لشبونة البرتغالي.
يذكر أن أتلتيكو مدريد قد كرس عقدة فالنسيا بعد أن أطاح به من الدور ربع النهائي أيضاً في النسخة الأولى من المسابقة عام 2010، بتعادلهما ذهاباً على ملعب مستايا (2-2) وإياباً على ملعب فيسنتي كالديرون بدون أهداف.
سيطرة عقيمة لأصحاب الأرض
استُهل الشوط الأوّل من المباراة بسيناريو متوقّع- ولعلّه كان منطقياً أيضاً، تمثّلت صورته الأساسية في غارات هجومية متتالية من أصحاب الأرض في مواجهة استماتة دفاعية من ضيوف الميستايا، الذين يتقدّمون بأسبقية هدفين عطفاً على النتيجة الحاصلة ذهاباً في معقل "فيسنتي كالديرون".
نتيجة لقاء الذهاب سيطرت على وقائع هذا الشوط، الذي سجّلنا فيه بروز أوّل محاولة خجولة على المرمى بأقدام أبناء العاصمة (14) عبر تسديدة عشوائية من التركي أردا توران افتقدت إلى الدقة المطلوبة.
وبعد البداية المحتشمة التي شهدتها القمّة الإسبانية الخالصة، شهدنا بعض التحسّن في الآداء، سيما من جانب فالنسيا، الذي أخذ بزمام الأمور وأصبح يشكّل ضغطاً على مرمى الزائرين، ولاحت أوّل التهديدات الصريحة من قدم الجناح الجزائري المميّز سفيان فاغولي، الذي سدّد كرة على الطائر إثر ركنية موجهة من دانيال باريخو، ولكن الحارس البلجيكي تيبو كورتوا أبدع في ردِّ الكرة على مناسبتين بعد تكرار تصدّيه لتسديدة البرازيلي جوناس (21).
وتواصلت هجمات أبناء الدار إثر أوّل التهديدات ليكون فاغولي من جديد العنوان الأبرز لخطورة الخفافيش بعد حبكه لعملية ثنائية مميّزة، تبادل فيها الكرة مع القائد روبرتو سولدادو، ومن ثمّ يسدّد كرة صاروخية بيسراه علت العارضة بقليل (22).
بدوره سولدادو، الذي كان تحت سطوة حصار مشدّد فُرض عليه من ثنائي محور الدفاع المدريدي المتكوّن من ماريو سواريز والبرازيلي جواو ميراندا، حاول تهديد مرمى الخصم باستغلال عرضية أنتونيو باراغان عبر رأسية غير دقيقة لم تكن كافية لتشكّل خطراً على مرمى المدريديين (33).
وأُتيحت لفالنسيا فرصة افتتاح باب التسجيل في أواخر الشوط وتحديداً مع مطلع الدقيقة (40) إثر استغلال سيرجيو كاناليس لثغرة في دفاع أتلتيكو توغّل إثرها في قلب منطقة الجزاء وسدّد كرة قويّة وقف أمامها كورتوا كالجدار العازل حارماً زملاء سولدادو من توقيع هدف السبق.
وتلت محاولة كاناليس الضائعة مباشرة، فرصة قتل المباراة لأبناء المدرّب الأرجنتيني دييغو سيميوني إثر توغّلٍ للتركي النشيط توران من الجهة اليسرى لدفاع فالنسيا المتقدّم مرّر بعدها كرة متّجهة نحو العقرب الكولومبي راداميل فالكاو ولكن فقدان الدقة في التمرير ويقظة الحارس دييغو ألفيش حرما أتلتيكو من معاقبة المحليين في هذا الشوط.
بقية أحداث الشوط الأوّل لم تحفل بالكثير من المستجدّات، وكانت صورة خاتمته شبيهة بالبداية، حيث أكّدت على أن فالنسيا قام بكل شيء عدا زيارة مرمى كورتوا، بالرغم من تنويع الهجمات سيما عبر توغُّلات جناحيه المميّزين، الأيمن أنتونيو باراغان والأيسر خوردي ألبا، إضافة إلى اجتهادات متوسط الميدان الحيوي سفيان فاغولي وحركية المهاجمين سولدادو و جوناس، إلا أن كلَّ ذلك لم يشفع للخفافيش في إحراز هدف، كان من شأنه أن يحرّر الأرجل المكبّلة للاعبيه ويعطي للمباراة نكهة أخرى.
رصاصة لوبيز تغتال حلم الخفافيش
في النصف الثاني من حوار الشقيقين، بدا واضحاً أن فالنسيا تأثر كثيراً بوجوده بين مطرقة ضيق الوقت وسندان تدارك التأخر بهدفين ليتمسك بحلم العبور إلى نهائي بوخارست، عطفاً على ذلك كانت صفة التسرع هي الغالبة على أداء لاعبيه إذ افتقدوا إلى الكثير من التركيز.
هذه الحالة الذهنية العسيرة التي عاش في خضمّها أبناء الميستايا انعكست على مردودية جميع صفوفه التي خسرت بدورها التنظيم الذي لاحت عليه في بداية المواجهة، وهو ما كلفها تكبد هدف مفاجىء (60) جاء من إمداد طولي لصانع الألعاب البرازيلي دييغو ريباس لزميله أدريان لوبيز الذي استغل تأخر الظهير الفرنسي جيريمي ماتيو في المحاصرة ليهيّأ لنفسه كرة بالصدر قبل أن يسددها ساحقة استقرت في أعلى المقص الأيمن للحارس دييغو ألفيش.
هدف لوبيز كان بمثابة السهم الذي ضرب آمال فالنسيا في مقتل، إذ لم نشهد أي مظهر للإستماتة أو الإيمان بحظوظ التأهل إلى نهاية المطاف وهو ما ساعد أتلتيكو مدريد بطل المسابقة في 2010 على رسم ماتبقى من وقائع المواجهة حسب أهدافه، وهو ما نجح في الوصول إليه إلى حدود الصافرة النهائية للقاء.
وعلى الرغم من البطاقة الحمراء التي رفعها الحكم في وجه مدافع الضيوف وقائدهم البرتغالي تياغو منديش (79) بعد صفعه لسولدادو، فإن ذلك لم يكن ليغير شيئاً في واقع مباراة انتهت فعليا مع رصاصة أدريان لوبيز التي قتلت كل طموح للخفافيش بالعبور إلى محطة الختام.
جدير بالذكر أن هذا اللقب الذي سيتنافس على نيله أتـلتيكو مدريد ومواطنه بيلباو، سيكون الثالث عشر للأندية الإسبانية مهما تكن هوية الفائز في المباراة النهائية التي ستقام في 9 من آيار/مايو على ملعب "ستاديونول ناسيول" في بوخارست، مقابل 10 ألقاب للأندية الإيطالية ونظيرتها الإنكليزية، و6 للأندية الألمانية، وقد يخفف من هول الصدمة التي لقيتها بلاد الماتادور بخروج عملاقيها برشلونة وريال مدريد من موقعتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على يد كل من تشلسي الإنكليزي وبايرن ميونيخ الألماني توالياً واللذين سيلتقيان على ملعب الأخير "أليانز أرينا" في النهائي في 19 من الشهر المقبل.