عاش نادي آرسنال الإنكليزي موسماً استثنائياً في الكثير من تفاصيله، أنهاه بحصوله على المركز الثالث في الدوري الممتاز، دون أن يترك أي بصمة في البطولات الثلاث الأخرى التي شارك فيها، إذ ودَّع كأس إنكلترا من دور الـ 16 على يد سندرلاند، وكأس الرابطة من رُبع النهائي على يد مانشستر سيتي، ودوري أبطال أوروبا من الدور الثاني أمام ميلان الإيطالي.
ولم يكن الفريق اللندني، الذي أتمَّ العام السادس عشر تحت الإدارة الفنية للفرنسي أرسين فينغر، يحلم بمركز أفضل من الثالث في الدوري بعد البداية الكارثية التي قذفت به إلى المركز السابع عشر بعد المراحل الخمس الأولى التي تلقَّى خلالها هزيمة تاريخية أمام مانشستر يونايتد (2-
.
ويمكن القول إن التألُّق اللافت لعدد من اللاعبين ساهم في إنقاذ الفريق وحفظ ماء وجه مدرِّبه، خصوصاً أن سياسة هذا الأخير التي تعتمد على لاعبين من مدرسة الفريق أو وافدين صاعدين مالت نحو الإفراط؛ نظراً لفشله في الحفاظ على كوكبة من نجوم الصف الأوّل، وذلك يعود أصلاً لفشل الفريق في تحقيق لقب الدوري منذ عام 2004 وأي لقب آخر منذ عام 2005، وابتعاده عن شخصية الفريق الطامح بالبطولات رغم الأسلوب الهجومي الممتع في الأداء.
صيف ساخن
دخل المدفعجية الموسم الجديد خاسرين لعدد وافر من اللاعبين تجاوز 15 لاعباً بين انتقال نهائي وإعارة، جاء في مقدِّمتهم: قائد الفريق الإسباني سيسك فابريغاس والفرنسي سمير نصري ومواطنه غايل كليتشي والدنماركي نيكلاس بيندتنر والمكسيكي كارلوس فيلا والكاميروني إيمانويل إيبوي، فيما لم يكن الوافدون قادرين على سد الفراغ وأبرزهم الإيفواري جيرفينيو والإسباني ميكيل أرتيتا والألماني بير ميرتساكر والإسرائيلي يوسي بنعيون، والثلاثة الأخيرون قَدِموا في الأيام الأخيرة من موسم الانتقالات، بعد فشل فينغر في الإبقاء على فابريغاس ونصري.
وحملت فترة الانتقالات الشتوية مفاجأة سارة لجمهور "غانرز" كان أثرها المعنوي أكثر من ذلك الفني، بعودة أسطورة الفريق الفرنسي تيري هنري إلى لندن لمدة شهرين على سبيل الإعارة قادماً من نيويورك ريد بولز الأميركي، فيما غادر ملعب "الإمارات" قائد منتخب روسيا أندريه أرشافين إلى زينيت سان بطرسبورغ الروسي.
كتيبة الإنقاذ
لا شك أن مهاجم منتخب هولندا روبن فان بيرسي كان نجم الموسم بامتياز في آرسنال، فقد نال جائزة أفضل لاعب في الدوري، متفوِّقاً على نجوم قطبي مدينة مانشستر صاحبي المركزين الأولين ومحرزاً لقب هدَّاف الدوري برصيد 30 هدفاً إلى جانب صناعة 13 هدفاً آخر، أي أنه كان سبباً في 43 هدفاً من أصل 74 سجَّلها الفريق في الدوري، رافعاً رصيده مع الفريق اللندني منذ انضمامه إليه عام 2004 إلى 132 هدفاً.
وبرز في الفريق بشكل لافت لاعب وسطه الكاميروني ألكسندر سونغ الذي لعب 12 تمريرة حاسمة، والمدافع البلجيكي توماس فيرمايلين، إضافة لبصمة مميّزة من التشيكي المخضرم توماس روزيسكي، الذي استعاد شيئاً من نجوميته في الشهرين الأخيرين، وكذلك أرتيتا الذي تأخَّر في دخول أجواء الفريق، دون إغفال التطوّر الكبير في مستوى الحارس البولندي فوسييتش تشيزيني، الذي لعب جميع مباريات الدوري كاملة (38 مباراة).
هل يتَّعظ فينغر؟
قبل المباراة الأخيرة في الدوري أمام وست بروميتش ألبيون، التي فاز بها آرسنال بشق الأنفس (3-2) وحسم المركز الثالث لصالحه بفارق نقطة عن توتنهام، قال فينغر إن هذا الموسم هو أغرب موسم يقضيه في الدوري الإنكليزي منذ قدومه عام 1996 نظراً لكثرة التقلّبات في النتائج ومواقف الفرق، سواء في صراع البطولة أو المراكز الأوروبية أو الهبوط.
ويُمكننا القول إن فينغر كان محظوظاً هذا الموسم؛ نتيجة لتراجع معظم فرق النخبة في الدوري، إذ لم يمتلك توتنهام النَفَس الطويل وابتعد عن سباق اللقب مطلع الإياب ثم تنازل عن المركز الثالث دافعاً ثمن شائعات انتقال مدرِّبه هاري ريدناب لقيادة منتخب إنكلترا، فيما افتقد نيوكاسل للخبرة خاصة في المباريات الحاسمة، وانشغل تشلسي بأحلامه الأوروبية، وقدَّم ليفربول موسماً مخيِّباً جديداً.
وعلى ذلك يكون من المنطقي القول عن آرسنال أنه استفاد من أخطاء منافسيه ليس أكثر، رغم أنه احتلّ مركزاً أفضل من العام الماضي الذي أنهاه رابعاً خلف قطبي مدينة مانشستر وتشلسي وبنقاط أعلى (70 مقابل 68 الموسم الماضي)، وعلى مدرِّبه وإدارته الإعداد للموسم القادم بأسلوب مُغاير، خاصة مع الاستعدادات المُعلنة من منافسيه منذ الآن، فلن تكون مغامرات فينغر آمنة مرّة أخرى مع لاعبين صاعدين وميزانية محدودة.
ومن المتوقَّع أنه سيواجه تحدِّياً جديداً مع رغبة كبار الأندية في ضمّ فان بيرسي، ويأمل جمهور الفريق ألا يتكرَّر سيناريو فابريغاس ونصري مع اللاعب الهولندي حين تمسَّك بهما فينغر حتى وقت متأخّر من الصيف ثم غادرا النادي دون أن يكون هناك فترة كافية أو لاعبون متوافرون لانتدابهم والتعويض بهم، ولعلَّ التعاقد المبكِّر مع لوكاس بودولسكي مهاجم منتخب ألمانيا يأتي كخطوة أولى في هذا الصدد، في انتظار إيجاد حلول فعّالة لخط الدفاع الكارثي وهو أسوأ خطوط الفريق، إذا ما أراد التفكير بالمنافسة الجدِيَّة الموسم القادم.
موسم آرسنال بالأرقام