أحرز تشلسي الإنكليزي لقب دوري أبطال أوروبا بكرة القدم للمرَّة الأولى في تاريخه بعد فوزه على بايرن ميونيخ الألماني بركلات الترجيح (4-3) بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل (1-1) في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب "أليانز أرينا" في ميونيخ.
ونجح الفريق الإنكليزي في تعويض خيبة الدوري الذي أنهاه سادساً، ليضيف هذا اللقب لكأس إنكلترا الذي أحرزه قبل أسبوعين على حساب ليفربول.
وجاء تتويج تشلسي باللقب في المرَّة الثانية التي يخوض فيها النهائي بعد عام 2008 حين خسر أمام مواطنه مانشستر يونايتد في موسكو وبركلات الترجيح أيضاً، فيما فشل بايرن بتحقيق لقبه الخامس في البطولة، وليخسر النهائي الثاني على التوالي له بعد نهائي 2010 في مدريد أمام إنتر ميلانو صفر-2.
التكتيك يُروِّض الاندفاع
منذ البداية وضح أن مدرِّب تشلسي الإيطالي روبرتو دي ماتيو لن يُغيِّر من أسلوب فريقه الدفاعي خاصة وأنه يلعب أمام خصم يمتلك مفاتيح هجومية عديدة، ويخوض النهائي بحافز استثنائي هو اللعب على ملعبه وبين جماهيره، فتابعنا خطين دفاعيين من الفريق الأزرق في تشكيلة غلبت عليها أسماء ذات نزعة وواجبات دفاعية بالمجمل، ورغم غياب الثنائي المؤثر جون تيري والصربي برانيسلاف إيفانوفيتش للإيقاف إلا أن البدلاء كانوا على مستوى الحدث.
فيما لم تأت تشكيلة المدرِّب يوب هاينكس بأي مفاجأة فدخل المباراة بزخم هجومي متوقَّع وحاول أن يفك طلاسم دفاع منافسه المتعثِّر محلياً منذ اللحظات الأولى، وكذلك لم يكن غياب النمساوي ديفيد ألابا مؤثراً مع أداء مقبول لبديله دييغو كونتينتو.
فرص غزيرة
أولى المحاولات في المباراة كانت من تسديدة باستيان شفاينشتايغر الذي حصل على الإنذار الأول مبكراً في الدقيقة الثانية بعد تدخُّل عنيف، إلا أنها اصطدمت بجسم البرتغالي جوزيه بوسينغوا لركنية نفَّذها الفرنسي فرانك ريبيري وهيَّأها توماس مولر لتوني كروس سدَّدها من خارج منطقة الجزاء أخطأت المرمى وجاورت القائم الأيمن (5).
ولعب ريبيري كرة عرضية ارتقى لها ماريو غوميز لكن تسديدته الرأسية جاءت طائشة وبعيدة عن المرمى (13)، وحصل أصحاب الأرض على ثلاث ركلات ركنية متتالية في الدقيقة (17) إثر محاولات مولر والهولندي أرين روبن وغوميز لكن كثافة دفاع تشلسي حدَّت من خطورة أول ركنيتين، وتكفَّل الحارس التشيكي بيتر تشيك في إبطال مفعول الثالثة.
وحصل بايرن على الفرصة الأخطر بعد فاصل مهاري من روبن تجاوز من خلاله بوسينغوا وزميله غاري كاهيل وسدَّد الكرة من مسافة قريبة ردَّها تشيك بصعوبة وتحوَّلت من قدمه للعارضة (22).
فيما لم يظهر تشلسي في نصف ملعب منافسه في محاولة مباشرة على مرمى الحارس مانويل نيوير إلا من ركلة حرة مباشرة سدَّدها الإسباني خوان مانويل ماتا علت المرمى (34).
وفي واحدة من أجمل اللقطات في المباراة عَكَس دييغو كونتينتو الذي عوَّض غياب ديفيد ألابا الموقوف، كرة عرضية تابعها مولر بتسديدة من لمسة واحدة مرت عن يسار المرمى (36).
ثم بدأ تشلسي يتحرَّر أكثر من تقوقعه الدفاعي وأهدر الإيفواري ديديه دروغبا فرصة مناسبة بعد أن تباطأ في تسديد الكرة قرب منطقة الجزاء، ثم هيَّأ فرانك لامبارد كرة بلمسة رائعة للإيفواري الآخر سالومون كالو سدَّدها بمواجهة المرمى لكنها جاءت خفيفة وسهلة بمتناول نيوير (37).
وفي الدقائق المتبقية من الشوط التي ظهر فيها دفاع تشلسي مهزوزاً، لم يتمكَّن الفريق البافاري من استغلال فرصتين سهلتين كان مولر مصدر الخطورة فيهما، إذ مرَّر الكرة في الأولى نحو ريبيري الذي كان دون رقابة في لقطة نادرة، لكن الأخير سدَّد برعونة فذهبت الكرة عرضية نحو غوميز فاستقبلها بارتباك أمام المرمى وأبعد لويز الكرة من أمامه إلى ركنية (39)، وفي الثانية توغَّل بمجهود فردي داخل منطقة الجزاء ولعب الكرة نحو غوميز الذي أطلقها عالياً في المدرَّجات بغرابة (42).
شوط الأهداف
بداية الشوط الثاني جاءت مطابقة للأول مع ضغط كبير للفريق الأحمر لكن اللمسة الأخيرة ظلَّت غائبة رغم الجهد الوفير من رباعي بايرن "روبن وريبيري وكروس ومولر"، وكاد دروغبا يلدغ مرمى بايرن بتسديدة مباغتة من نحو 30 متراً مع تقدّم نيوير من مرماه مرَّت بجوار القائم الأيسر (51).
ورغم اهتزاز الشباك في الدقيقة (53) بقدم ريبيري إلا أنه كان في موقف تسلل فلم تدم فرحة جمهور أليانز أرينا سوى ثوانٍ معدودة، وتألَّق آشلي كول بمواجهة زميله السابق في تشلسي روبن مانعاً تسديدته القوية من نقطة الجزاء تقريباً من العبور في تدخُّل فدائي (60).
ومع عجز وصيف الدوري والكأس في ألمانيا هذا الموسم عن إيجاد حلول لاختراق دفاع "البلوز" لجأ لاعبوه للتسديد البعيد، إلا أن محاولات كروس وريبيري افتقدت للدقة.
ووجَّه تشلسي إنذارين مرعبين لمنافسه بمحاولتين في ظرف دقيقتين، الأولى من كالو بعد تمريرة بوسينغوا (71) والثانية لدروغبا الذي سدَّد دون أن يتحكَّم تماماً بالكرة لتأتي برداً وسلاماً على نيوير (73).
ومن اختراق مميَّز لريبيري لعب الكرة بمحاذاة خط المرمى وأبعدها تشيك قبل أن تسقط على العارضة (76)، وأهدر مولر فرصة سهلة بعد معمعة بدأها ريبيري وسط كتيبة المدافعين الزرق فتهادت الكرة أمام الأول وسدَّدها بجوار القائم الأيمن (78)، وأمسك تشيك برأسية روبن الذي سدَّد من مسافة قريبة (80).
وتوَّج بايرن فرصه أخيراً بعد كرة عرضية من كروس وجدت مولر مُترقِّباً على القائم البعيد لعبها برأسه في زاوية صعبة على تشيك فمرَّت بين يده والعارضة معلنة عن الهدف الأول (83).
وفي وقت اعتقد الجميع أن المباراة باحت بكل أسرارها، عادل مُلهم تشلسي دروغبا الأرقام من جديد بهدف رائع متابعاً الركنية التي نفَّذها ماتا برأسية سكنت أقصى الزاوية اليسرى العليا لمرمى نيوير (88)، علماً أنها الركنية الثانية فقط لتشلسي مقابل 15 لبايرن حتى تلك الدقيقة.
ومع صدمة الفريق الألماني كاد أن يتعرَّض لسيناريو مُشابه لذلك الذي عايشه عام 1999 في برشلونة أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي حين خسر النهائي في اللحظات الأخيرة، إذ حاول تشلسي خطف الكأس وسط ارتباك واضح في دفاع بايرن لكن لم تُكتب لمحاولاته النجاح، لتمتدّ المباراة لشوطين إضافيين.
جزاء ضائعة
الشوط الإضافي الأول بدأه تشلسي بروح هدف التعادل وطالب مهاجمه الإسباني البديل فرناندو توريس بركلة جزاء بعد أن توغَّل تحت رقابة من دفاع بايرن وسقط، إلا أن قرار ركلة الجزاء جاء في المنطقة المقابلة بعد أن ارتكب دروغبا خطأ ساذجاً بعرقلته لريبيري الذي خرج مصاباً.
ووقف روبن لتنفيذ ركلة الجزاء بمواجهة تشيك في تحدٍّ مثير كسبه الثاني باقتدار بعد أن صدّ الكرة الموجّهة نحو الزاوية الأرضية اليسرى وأمسكها على دفعتين حارماً الهولندي من ترجيح كفة فريقه مُجدَّداً (95).
وكاد المدافع البديل البلجيكي دانيال فان بويتن أن يعوِّض سريعاً بعد كرة لعبها الأوكراني أناتولي تيموتشوك لكن تدخُّل كاهيل كان في وقت مثالي مانعاً تسديدته من مسافة قريبة (97).
وعاد تشلسي لمناوشاته مع تحرّك ملحوظ لتوريس الذي أشغل المدافعين، فيما ظهر الإرهاق واضحاً على دروغبا الذي استنفذ جهوده هجوماً ودفاعاً ورغم ذلك كانت خبرته مؤثرة في كل لمسة.
توازن الرعب
وجاء الشوط الرابع من المباراة، الأقل فرصاً مع حذر الطرفين من أي هدف قاتل لا يُعوَّض، فلم يشهد سوى فرصتين مباشرتين من نصيب بايرن الذي سعى أكثر للحسم قبل ركلات الترجيح، إذ لعب فان بويتن كرة عرضية تابعها المهاجم الكرواتي البديل إيفيكا أوليتش بلمسة واحدة وراقبها تشيك بالنظر لتمرّ بجوار القائم الأيسر (107).
وحضَّر القائد فيليب لام الكرة على خط الـ 6 أمتار نحو غوميز الذي سدَّدها لكن تدخُّل كاهيل خفَّف قوة الكرة ليبعدها البرازيلي ديفيد لويز قبل أن تدخل المرمى الخالي (111).
ركلات البطولة
- سجَّل لتشلسي: ديفيد لويز وفرانك لامبارد وآشلي كول وديديه دروغبا، وأهدر خوان ماتا الركلة الأولى بعد تصدِّي مانويل نيوير.
- سجَّل لبايرن ميونيخ: فيليب لام وماريو غوميز ومانويل نيوير، وأهدر إيفيكا أوليتش الركلة الرابعة بعد تصدِّي بيتر تشيك، والخامسة باستيان شفاينشتايغر بعد أن لمسها تشيك وارتدت من القائم الأيسر.
التشكيلتان
تشلسي
بيتر تشيك – آشلي كول – ديفيد لويز – جوزيه بوسينغوا – غاري كاهيل – ريان برتراند (فلوران مالودا) – فرانك لامبارد – جون أوبي ميكيل – خوان مانويل ماتا – ديديه دروغبا – سالومون كالو (فرناندو توريس).
بايرن ميونيخ
مانويل نيوير – جيروم بواتينغ – فيليب لام – دييغو كونتينتو – فرانك ريبيري (إيفيكا أوليتش) – أرين روبن – باستيان شفاينشتايغر – توني كروس – أناتولي تيموتشوك – توماس مولر (دانيال فان بويتن) – ماريو غوميز.
حكام المباراة
حكم الساحة: بدرو بروينسا (البرتغال) – المساعد الأول: برتينو ميراندا (البرتغال) – المساعد الثاني: ريكاردو سانتوس (البرتغال) – الحكم الرابع: كارلوس فيلاسكو كاربايو (إسبانيا) – الحكمان الإضافيان: جورجي سوزا (البرتغال)، دوارتي غوميش (البرتغال).