يُبدي الشبان العرب بالداخل الفلسطيني لعام 48 اهتماما بصناعة الأفلام الروائية والتسجيلية، ويحاول بعضهم خوض هذه التجربة وطرق أبواب السينما والتلفزيون. لكن في ظل انعدام صناديق الدعم في المجتمع العربي يبقى الإبداع رهينة للأموال، فصناديق الدعم الإسرائيلية تبدي استعدادها لتمويل مشاريع سينمائية تتماشى مع أجندتها السياسية.
ويحاول هؤلاء الشبان من خلال الكاميرا تسليط الضوء على قضايا مجتمعهم، وفتح نقاش وحراك بشأن قضايا طالما بقيت مناقشتها سطحية.
وتبقى صناعة الأفلام للتعبير عن الذات لصانع الفيلم، دون أن تكون هناك رعاية واحتضان لها، حيث يسعى أصحابها لاختراق الحواجز والعراقيل كافة ولربما اغتنام الفرصة لعرض إبداعاتهم على الشاشة الصغيرة.
وخاض الشاب عدنان طه تجربة العمل بالمجال التلفزيوني بصفة منتج ومصور ومحقق ميداني، وذلك بعد تخرجه في السينما بتخصص التصوير والإخراج. وقال في حديث للجزيرة نت "رغم أننا من أكثر شعوب العالم استهلاكا للأفلام والمسلسلات، هناك عدم تفهم لمجتمعنا للموضوع كونه جديدا على ثقافتنا ومجتمعنا".
الزميل احمد عويسات- الجزيرة نت
وأكد طه أنه رغم وجود جيل من المخرجين والمبدعين تبقى صناعة الأفلام مفتقرة لشركات الإنتاج، فصناديق الدعم العربية معدومة و"نضطر للتوجه لصناديق الدعم الإسرائيلية، وهذا يقيد الإبداع العربي ويحوله رهينة للممول".
تمويل وأجندات
ويقول إن التمويل الإسرائيلي محكوم بشروط وأجندات، فالإثارة بالسيناريو هي من تحدد فرصة الحصول على التمويل حتى وإن ولم يكن الموضوع جيدا، ويوضح "إذا قمت بكتابة سيناريو عن اضطهاد الإسلام للمرأة حتى لو كان لا يمت للواقع بصلة، فالكثير من الصناديق الإسرائيلية ستوفر التمويل".
ويقول "هذا أتاح المجال للجميع للإنتاج، ولكن الأمر بمثابة سلاح ذي حدين، إذ تحولت الكثير من صناعة الأفلام الوثائقية إلى صناعة رخيصة".
بدوره يرى طالب الإعلام محمد خيري أن الشبان العرب المعنيين بمجال صناعة الأفلام، وخاصة التسجيلية منها، يواجهون عقبات جمة تتمثل في معظمها في عدم الحصول على الدعم لإنتاج الفيلم.
وقال في حديث للجزيرة نت إن لصناعة الأفلام بالداخل الفلسطيني أهمية كبيرة، فالفيلم التسجيلي من شأنه أن "ينقل للعالم ما تتعرض له الأقلية العربية وما تعانيه جراء سياسات ظالمة متبعة والتمييز العنصري".
تكميم الأفواه
ويرى خيري أن للحكومة الإسرائيلية وصناديق الدعم، اليد الطولى في تأخر المخرجين العرب والحرمان من التميز في هذا المجال، حيث لا يجد المخرج العربي من يوفر له الدعم للإنتاج، "بينما تتهافت صناديق الدعم على المخرجين الإسرائيليين لدعم رسالتهم وإيصال فكرتهم عبر أفلامهم".
وأضاف أن السياسة الإسرائيلية تهدف إلى قتل طموح المخرجين العرب، وهي "تندرج في إطار سياسة كمّ الأفواه وحرية التعبير عن الرأي، حيث توضع العقبات بطريقهم إذا ما حاولوا إيصال فكرة تخدم المجتمع الفلسطيني بالداخل وتكشف ما يعانيه".
ومن الأفلام التي أنتجت هنا "ملعب الجيران"، وهو فيلم يوثق معاناة الفرق الرياضية بمدينة باقة الغربية الحدودية، حيث أغلق الملعب لمدة عشرة أعوام بسبب قربه من جدار الفصل العنصري. واشترطت الشرطة الإسرائيلية افتتاحه بتوفير أنظمة حراسة وبناء جدار حوله.
وجسد الفيلم صراع إدارة الفرق الرياضية لتطوير الملعب وافتتاحه، وتناول جوانب اجتماعية وسياسية وثقافية، وكشف الانعكاسات السلبية على فرع الرياضة، حيث شهدت المدينة تراجع تاما في أداء الفرق وبعضها اختفى.
رهائن للأموال
وقال مخرج الفيلم أحمد عويسات إن الطالب يجد صعوبة وإن كانت لديه القدرات للشروع في مثل هذه الأفلام، لذلك تبقى المواهب الإبداعية مدفونة ورهينة للأموال.
وتابع في حديثه للجزيرة نت أن "مؤسساتنا الإعلامية لا تهتم بصناعة السينما"، وأضاف "بخصوص إمكانيات التنافس في السوق الإسرائيلي تكاد تكون محدودة بحيث إن صناعة الأفلام في المجتمع الإسرائيلي لا تهتم كثيرا بقضايا العرب، واهتمامها يكون فقط بمواضيع معينة".
المصدر- محمد محسن وتد الجزيرة نت