حذر خبراء من التغيرات المناخية والأحوال الجوية السيئة في عدد من أهم الدول المصدرة للغذاء سيؤدي لارتفاع غير مسبوق في أسعار القمح والذرة والسكر والألبان واللحوم والوقود في تكرار مخيف لسيناريو 2008
وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في ديسمبر لمستوى قياسي يتجاوز المستويات التي أثارت أعمال شغب في 2008، مضيفة أن أسعار الحبوب الرئيسية قد تواصل الصعود اذ إن أنماط الأحوال الجوية تدعو للقلق.
وزاد مؤشر الفاو الذي يقيس التغيرات الشهرية في أسعار سلة من المواد الغذائية تضم الحبوب والبذور الزيتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر إلى أعلى قراءة له منذ بدء تسجيل البيانات عام 1990 ومتجاوزا مستويات 2008 حينما أدت أزمة غذاء إلى احتجاجات في بعض الدول.
وقفزت أسعار الحبوب في 2010 خصوصاً القمح نتيجة سلسلة من التغيرات في حالة الطقس مثل حدوث موجة جفاف في روسيا وجيرانها على البحر الأسود. وتضاعفت أسعار القمح لمثليها في أوروبا وصعدت الذرة الأميركية أكثر من 50 في المائة بينما قفز فول الصويا الاميركي 34 في المائة.
وارتفع مؤشر الفاو لأسعار الغذاء للشهر السادس على التوالي. وارتفعت مؤشرات المنظمة للسكر واللحوم لمستويات قياسية جديدة بينما سجل مؤشر أسعار الحبوب الذي يشمل أغذية أساسية مثل القمح والأرز والذرة والوقود أعلى مستوياته منذ أغسطس 2008. وأكد خبير اقتصادي في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، أن زيادة أسعار المواد الغذائية التي سجلت منذ أغسطس الماضي، تثير القلق الشديد.
وقال عبد الرضا عباسيان، الخبير الاقتصادي في الفاو المكلف بمتابعة قطاع الحبوب، ردا على سؤال لوكالة الأنباء الفرنسية، إن زيادة أسعار المواد الغذائية مثيرة للقلق الشديد لأنها تطول ملايين الناس خصوصا عندما تتعلق بمواد أساسية مثل الحبوب.
وهذه الزيادة التي بدأت في أغسطس، سجلت في ديسمبر رقما قياسيا منذ 1990 بحسب مؤشر الفاو لهذه السنة، متجاوزة رقما قياسيا سابقا سجل في يونيو 2008.
ولفت عباسيان إلى فوارق داخل قطاع الحبوب بالذات، فالذرة والقمح شهدا زيادة عالية جدا، لكن الأرز، المادة الأساسية في آسيا، فهو في المقابل عند نصف سعره في 2007/2008.
ورأى أن وضع الحبوب ليس حرجا كما كان عليه في 2007/2008، لكن لا يمكن استبعاد عواقب أكثر خطورة في الأشهر المقبلة وفقا لتغيرات المناخ.
وقال عباسيان: "ربما استخلصت دول دروسا من 2007/2008 واشترت مسبقا مما أدى إلى تشكيل احتياطات أفضل.. وأضاف أن المناخ المناسب سمح أيضا بمواسم جيدة جدا في إفريقيا، باستثناء شمال القارة، ما أدى إلى الحد من مشتريات هذه الدول من السوق.
واعتبر عباسيان أن المشكلة الرئيسية، هي نقص الاستثمارات على الأمد الطويل في القطاع الزراعي في الدول النامية، التي شهدت لوقت طويل منتجات غذائية بأسعار رخيصة جدا.
وأضاف: "مع هذه المرحلة الثانية من الارتفاع القوي والسريع للأسعار، ستتولى هذه الدول الأمور بنفسها ربما".
وفي 2008، سجلت أسعار الحبوب أرقاما قياسية تاريخية، مما تسبب فى أزمة غذائية وأعمال شغب في عدد من الدول الإفريقية، وكذلك في هايتي والفيليبين.
وأعلنت الفاو أثناء اجتماع حكومي حول الحبوب في سبتمبر، أن الوضع هش للغاية، لكنها طلبت من الدول ألا تصاب بالذعر.
وستبحث قمة العشرين القادمة موجة الغلاء المتوقعة وكبح جماحها قبل أن تؤدي الى أزمات سياسية وإجتماعية.