يستعد المنتخب الفرنسي لكرة القدم لإسدال الستار على موسمه الكروي لعام 2011 بمواجهة نظيريه الأميركي والبلجيكي ودياً في 11 و15 من الشهر الجاري وذلك ضمن استعداداته لنهائيات كأس أمم أوروبا 2012 التي تستضيفها أوكرانيا وبولندا حيث حجز مقعده بعد حلوله في المركز الأول في المجموعة الرابعة في التصفيات برصيد 21 نقطة وبفارق نقطة عن البوسنة التي تعادل معها في الجولة الأخيرة 1-1 في شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت.
وتحت قيادة المدرب لوران بلان، حقق المنتخب الفرنسي في تصفيات كأس أمم أوروبا 2012 واللقاءات الودية، عشرة انتصارات، من بينها فوزه ودياً على إنكلترا (2-1) والبرازيل (1-صفر)، وخمسة تعادلات وخسارتين، وحافظ على سجله خالياً من الهزائم لـ15 مباراة على التوالي، ما يدعو للتفاؤل من ناحية الأرقام والتساؤل عن تفاوت أداء الديوك الذين لم يتمكنوا حتى مباراتهم الأخيرة أمام البوسنة من إقناع وطمأنة جماهيرهم.
استراتيجية بلان
منذ توليه زمام الأمور بعد إقالة ريمون دومينيك، اعتمد لوران بلان على استراتيجية مختلفة عن سلفه، وأعاد إلى الفريق بعض العناصر السابقة التي كان استبعدها دومينيك لأسباب هو فقط يعرفها أمثال قلب الدفاع فيليب ميكسيس (ميلان الإيطالي) ولاعب الوسط سمير نصري (مانشستر سيتي الإنكليزي) والمهاجم كريم بنزيمة (ريال مدريد الإسباني) ولم يقفل الباب في وجه الحرس القديم وخصوصاً من الذين افتعلوا المشكلات في نهائيات كأس العالم الماضية في جنوب أفريقيا مثل المدافع باتريس ايفرا (مانشستر يونايتد الإنكليزي) والمهاجم فرانك ريبيري (بايرن ميونخ الألماني)، ورغم الأصوات التي علت لاستبعادهما، أبى بلان الاستغناء عنهما واضعاً خلف ظهره مآسي وفضائح الماضي.
وعمل بلان (45 عاماً) على تشكيل عمود فقري حديث العهد مع التركيز أكثر على اللاعبين المحليين، ونجح في تحسين أداء منتخب بلاده باعتماده على وجوه شابة جديدة مثل مدافع فالنسيا الإسباني عادل رامي (24 عاماً) ولاعب ارتكاز رين يان مفيلا (21 عاماً)، ولاعب وسط سوشو مارفين مارتان (22 عاماً) الذي سجّل هدفين في أول مباراة دولية له أمام أوكرانيا، كما أعطى الفرصة لمهاجم باريس سان جيرمان كيفين غاميرو (24 عاماً) لإثبات قدراته في خط المقدمة إلى جانب بنزيمة كما استدعى مؤخراً مهاجم مونبيلييه أوليفييه جيرو (25 عاماً) بعد استدعائه لكل من لاعب وسط نيوكاسل الإنكليزي يوهان كاباي (25 عاماً) والمدافعين لوران كوزسيلني (أرسنال الإنكليزي) وماتيو ديبوشي (ليل) وكلاهما يبلغ 26 عاماً.
أما آخر مفاجآت بلان فكانت استدعاء لاعب وسط ليون مكسيم غونالون (22 عاماً) لسد فراغ سمير نصري الذي انسحب بداعي الإصابة من التشكيلة التي ستواجه الولايات المتحدة وبلجيكا.
ولا يختلف اثنان على أن لجوء بلان لعنصر الشباب هو قرار سليم منه لبناء فريق قادر على المنافسة في نهائيات كأس العالم 2014 المقبلة في البرازيل، إلا أن السؤال الذي يُطرح هنا، هل سينجح بلان في المزج بين جيلين والدفع بتشكيلة منسجمة في وقت قصير كما فعل المدرب القدير ايميه جاكيه عندما اتخذ قراراً أثار ردود فعل كبيرة يوم قرر استبعاد نجمي فرنسا في منتصف التسعينيات اريك كانتونا ودافيد جينولا وغيرهم ودفع بلاعبين شبان مثل الأسطورة زين الدين زيدان ويوري دجوركاييف وكريستوف دوغاري تمكنوا من قيادة فرنسا للفوز بكأس العالم 1998.
الحلقة الأضعف
ولعل ما يشغل بال قلب دفاع فرنسا سابقاً (97 مباراة و16 هدفاً) في الوقت الحالي، هو هبوط مستوى بعض القدامى المخضرمين خصوصاً لاعب ارتكاز مرسيليا ألو ديارا وجناح تشلسي الإنكليزي فلوران مالودا، إذ ظهر الأول بصورة سيئة جداً في المباريات الأخيرة للمنتخب واستبعد عن التشكيل الأساسي في حين كان أداء مالودا متفاوتاً جداً من مباراة لأخرى، يضاف إلى ذلك تكرار إصابات فرانك ريبيري وبعده لفترات طويلة عن الفريق، مما جعله يبدو دخيلاً على الفريق في المباريات القليلة التي شارك فيها.
ومما لا شك فيه أن المستوى المتفاوت الذي قدمه المنتخب الفرنسي في التصفيات يعود لخط الوسط، الحلقة الأضعف في الفريق، ففضلاً عن هبوط مستوى بعض اللاعبين، كان هذا الخط خلال تصفيات أمم أوروبا والمباريات الاستعدادية أشبه بحقل اختبار جرّب فيه بلان العديد من اللاعبين ولم يتمكن من الثبات على نفس العناصر أو نفس الخطة. ففي بعض المباريات، اعتمد بلان على كل من ألو ديارا ويان مفيلا وفلوران مالودا وفرانك ريبيري، وأحياناً لعب يوهان غوركوف (ليون) أم سمير نصري كصانعي ألعاب مع ماتيو فالبوينا (مرسيليا) ومالودا على الأجنحة وخلفهما لاعب ارتكاز واحد كما دفع بلان في بعض الأحيان بالشاب مارفين مارتان مع نصري ومالودا ومينيز ويوهان كاباي.
وستكون المباريات الودية المقبلة وأقربها يوم الجمعة المقبل أمام الولايات المتحدة في باريس ثم بلجيكا بعد أربعة أيام، وألمانيا في شباط/فبراير المقبل، بمثابة حقل اختبار لبلان الذي سيسعى من خلالها لانتقاء أفضل العناصر والوصول إلى الخطة لمثالية لإعادة التوازن إلى خط الوسط الذي شكّل على مر التاريخ قوة فرنسا، إذ تعاقب على منتخب الديوك أفضل لاعبي خط الوسط في العالم نذكر منهم ميشال بلاتيني وجان تيغانا وماوريوس تريزور وألان جيراس وزين الدين زيدان وديدييه ديشان وايمانويل بوتي.
مهمة بلان لن تكون سهلة على الإطلاق لأن الوقت الذي يفصل المنتخب الفرنسي عن استحقاقه الكبير المقبل هو ستة أشهر فقط، فهل سينجح في مهمته ويكرر ما فعله إيميه جاكيه في السابق؟ الجواب في أوكرانيا وبولندا في شهر حزيران/يونيو القادم.