عانى فريق آرسنال من انطلاقة كارثية في الدوري الإنكليزي في الموسم الحالي إذ تعرض لهزائم قاسية وفقد عدداً من أبرز لاعبيه، لكنه عاد إلى السكة الصحيحة بفضل كلمة سر هي "روبن فان بيرسي"!.
رهان فينغر
لم تكن بداية الموسم بالنسبة للمدرب الفرنسي آرسين فينغر مثالية على الإطلاق حيث عاش فريقه كابوس الهزائم المتتالية حتى بلغت أربعاً في المراحل السبع الأولى، وجاءت ثلاث منها على يد منافسين تقليديين (مانشستر يونايتد، ليفربول، توتنهام) والخسارة أمام الأول كانت تاريخية بنتيجة (2-
.
هذه البداية وضعت فينغر في "عين العاصفة" فالمدرب الذي يخوض عامه السادس عشر مع الفريق اللندني لم يكن فاعلاً في سوق الانتقالات الصيفية، فهو لم يستقدم نجوماً كبار، إذ كان أبرز المنضمين للفريق مهاجم كوت ديفوار جيرفينيو من ليل الفرنسي، والإسباني ميكيل أرتيتا لاعب وسط إيفرتون، قبل أن يستعين بمدافعين اثنين في اللحظات الأخيرة بعد كارثة مانشستر (الألماني بير ميرتساكر من فيردر بريمن الألماني، والبرازيلي اندريه دوس سانتوس من فنربهتشه التركي).
كل ذلك ترافق مع مسلسل طويل من الجدل حول انتقال الثنائي المؤثر (الفرنسي سمير نصري والإسباني سيسك فابريغاس) الذي ماطل فيه فينغر وإدارة آرسنال قبل أن يسلموا بالأمر الواقع وينتقل الأول لمانشستر سيتي والثاني لبرشلونة الإسباني.
انتقال نصري وفابريغاس أدى إلى لوم كبير وانتقادات لاذعة من جمهور الفريق الأحمر، حول تعامل إدارته في سوق اللاعبين فهي لم تتمكن من الحفاظ عليهما، ولم توافق على الانتقال مبكراً ليكون تعويضهما ممكناً.
فينغر أعرب عن أسفه، مؤكداً رهانه على الموجودين من لاعبيه، في حين ألمحت إدارة آرسنال إلى أن الخيارات الفنية من اختصاص المدرب وحده، وكان القاسم المشترك بين الطرفين هو نجاحهما في الإبقاء على مهاجم الفريق الهولندي روبن فان بيرسي الذي كان مطلوباً لأقوى فرق القارة وتحديداً ريال مدريد الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي.
القائد الجديد
يعتبر مهاجم منتخب هولندا وآرسنال أحد أكثر المهاجمين فاعلية في أوروبا هذا الموسم ما أهله ليكون قائداً جديداً للفريق.
وعلى الرغم من أن الأخبار التي ربطته بالانتقال لأندية أخرى كان لها أن تؤثر على مستواه وتُكبله ذهنياً، إلا أنه أظهر احترافية عالية في التعامل مع ذلك، إضافة للتأقلم مع وضع الفريق الذي كان بلا شخصية في بداية الموسم نظراً لغياب الانسجام بين اللاعبين على كافة الأصعدة.
كما يرى البعض أنه تحرر من "ظل فابريغاس" إعلامياً ومعنوياً، إذ استأثر الإسباني بالأضواء "مبكراً" بعد رحيل الفرنسي تيري هنري عن لندن ليصبح أصغر قائد للفريق في تاريخه.
إضافة إلى أن لعنة الإصابات كانت توقفه لفترات طويلة خلال المواسم الماضية، وآخر مثال يتجلى في الموسم الماضي إذ غاب عن معظم مرحلة الذهاب ولم يشارك أساسياً إلا في 18 مباراة في الدوري، ورغم ذلك سجل 19 هدفاً.
وجاءت انطلاقة "فان" كما يلقبه جمهور آرسنال، مشابهة لفريقه، حيث أهدر ركلة جزاء كان من الممكن أن تغير مجرى المباراة في "أولد ترافورد" وفريقه متأخراً بهدف، قبل أن يعود ليسجل هدفاً متأخراً جداً وفريقه خاسراً (1-6) أمام مانشستر الذي أضاف هدفين آخرين.
إلا أنه اعتباراً من المرحلة السادسة أعلن حضوره بثنائية في مرمى بولتون وواصل توهجه ليصل إلى الهدف رقم 15 بعد نهاية المرحلة الخامسة عشرة (بمعدل هدف في المباراة الواحدة)، علماً أن آرسنال فاز في ثمان من المباريات التسع التي سجل فيها، كما أن روبن سجل تقريباً نصف أهداف فريقه في الدوري (15 من أصل 31).
وتوزعت أهداف فان بيرسي على 4 ثنائيات في شباك بولتون وسندرلاند وستوك سيتي ونوريتش سيتي وثلاثية في مرمى تشلسي، وهدف واحد في مرمى كل من مانشستر يونايتد، وست بروميتش، ويغان، إيفرتون.
وهز صاحب الرقم 10 الشباك بقدمه اليمنى في ثماني مناسبات وزار مرمى منافسيه مستخدماً القدم اليسرى سبع مرات، وهو رقم بالغ الدلالة على قدرته في التسجيل من مختلف الأوضاع وبالقدمين، غير أن اللافت هو عدم تسجيله أي هدف بالرأس.
وسجل الهولندي 9 من أهدافه في الدقائق العشرين الأخيرة، و6 في الدقائق السبعين الأولى، أتى منها هدف واحد في الدقائق العشر الأولى حين سجل أسرع هدف لفريقه عند الدقيقة الأولى في مرمى سندرلاند. علماً أنه ساهم في خمسة أهداف أخرى بتمريرات حاسمة.
"مان" بيرسي
لم يكن غريباً أن يُظهر عشاق "غانرز" تقديراً كبيراً لفان بيرسي الذي استمر في فريق بدا وكأنه متجه نحو الانهيار، وأصبح على حد وصف المتابعين "رجل المرحلة بامتياز".
فقد ارتبط فريق آرسنال وجمهوره بحالات مثيرة للجدل في انتقالات اللاعبين، لعل أشهرها في الألفية الجديدة انتقال اللاعب آشلي كول إلى الجار تشلسي ما دفع الجماهير لأن تطلق عليه اسم "كاشلي كول" في إشارة لتفضيله للمال على النادي، وكذلك انتقال التوغولي إيمانويل أديبايور إلى مانشستر سيتي وحادثة الاحتفال الشهيرة للاعب بعد تسجيله في مرمى فريقه السابق والتي عوقب عليها. لذلك كانت ردة فعل جمهور آرسنال حادة ومتوقعة تجاه من غادر نحو فريق منافس في الدوري، أي الفرنسي غايل كليتشي الذي انضم لسيتي فور بدء الانتقالات الصيفية ثم لحق به مواطنه نصري.
ولذلك رفع الجمهور في مباراة آرسنال مع مانشستر سيتي في كأس الرابطة الإنكليزية لافتة تصف كليتشي ونصري بالخيانة وترفع من شأن اللاعب الهولندي تصفه بـ"الرجل".
رمز جديد؟
لكن فينغر استغل المناسبة بطريقته ليوجه رسالة إلى لاعب فينورد روتردام الهولندي السابق مفادها أنه بإمكانه أن يكون رمزاً جديداً "للمدفعجية" بقوله: "إنه يقدم مستوى رفيعاً ويقودنا للانتصارات، وبإمكانه أن يكون من أساطير آرسنال".
وتحمل هذه الرسالة رغبة واضحة من المدرب والنادي في بقاء بيرسي أطول فترة ممكنة خاصة وأنه قد يتلقى مزيداً من العروض الموسم القادم في حال تألقه خلال كأس أمام أوروبا القادمة في أوكرانيا وبولندا.
وتجدر الإشارة إلى أن فان بيرسي (28 عاماً)، الذي يستمر مع آرسنال للموسم الثامن على التوالي (منذ موسم 2004-2005) اكتفى بتحقيق لقب كأس الاتحاد الانكليزي في العام 2005، والدرع الخيرية عام 2004، ووصافة دوري أبطال أوروبا 2006.
وسجل خلال مسيرته حتى الآن 114 هدفاً، خلال 251 مباراة في مختلف المسابقات، توزعت على النحو التالي: 81 هدفاً في 171 مباراة في الدوري، 8 أهداف في 16 مباراة في كأس الاتحاد الإنكليزي، 6 أهداف في 11 مباراة في كأس الرابطة الإنكليزية، و19 هدفاً في 51 مباراة في دوري أبطال أوروبا.
يذكر أن أول أهداف فان بيرسي بقميص آرسنال كان في مرمى مانشستر سيتي (2-1) في كأس الرابطة الإنكليزية بتاريخ 27 تشرين الأول/أكتوبر 2004، علماً أن الاختبار القادم له ولفريقه سيكون ضمن البطولة المحلية أمام الفريق نفسه الذي يحتل الصدارة حالياً، مع الإشارة إلى أنه سجل أيضاً هدفين آخرين في مرمى "سيتيزنز" وكلاهما في الدوري.