لا شك أنه واحد من أفضل شاغلي مركز قلب الدفاع في العالم، لا بل هو متعدد الاستخدامات الدفاعية، لكنه يملك أيضاً قوة مماثلة في الهجوم جعلت من أهدافه، خصوصاً الرأسية، علامات جمالية فارقة في سيرته الكروية.
كارليس بويول كابتن برشلونة الإسباني يطل على الشباك بين الحين والآخر بانقضاضات غاية في القوة، ويسجل الأهداف بالشخصية الدفاعية ذاتها لكن بالاتجاه المعاكس والدقة الأعلى.
ولايكتفي اللاعب الملقب بـ"قلب الأسد" بالجري بسرعات فائقة متفوقاً في كثير من الأحيان على مهاجمين يصغرونه سناً، بل يتقدم ليأخذ أدواراً أمامية مساعداً خط الهجوم، كما حدث في مباراة برشلونة وريال مدريد الأخيرة في ذهاب الدور ربع النهائي من كأس ملك إسبانيا عندما قابل ركنية نفذها تشافي هرنانديز بتصويبة رأسية هائلة سكنت شباك الملكي، في المباراة التي فاز بها برشلونة (2-1)، معيداً إلى الأذهان سيناريو هدفه الدولي الأخير على ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا والتي تأهلت بفضله إسبانيا إلى النهائي ثم فازت في البطولة.
الهدف الدولي المذكور، هو الوحيد لكارليس في نهائيات كأس العالم الثلاث 2002 و2006 و2010 التي شارك بها، والثالث دولياً فقط، لكنه كان كافياً لحفر اسمه في سجل الأهداف ذات القيمة العُليا في منتخب "لاروخا". والمفارقة أن هدفه على الريال أيضا كان الأول له المباريات الـ 44 مباراة خاضها بويول في كأس ملك إسبانيا.
وهذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها قلب دفاع البرشا في مرمى الغريم التقليدي، فقد دوّن اسمه في المباراة المشهودة للكتالونين التي انتهت بالفوز (6-2) عام 2009. برأسية سجل بها الهدف الثاني في الدقيقة 20 من كرة ثاتبة نفذها تشافي، وفي الموسم الماضي سجّل بكرة رأسية أيضاً في مرمى فالنسيا، وأيضاً التمريرة الحاسمة من مهندس خط الوسط، ما يشير إلى أن الزميلين تدربا على ذلك مرات ومرات، إضافة إلى فطرية الانسجام في الجيل الكتالوني "الخارق".
ورغم تميّزه بالتسديد بالجبين مواجهاً للمرمى بكل قوة، إلا أن هزّ الشباك من وضعيّة معاكسة (ظهره للمرمى) وإن كان أمراً صعباً حتى على المهاجمين، لم يصعب على بويول فسجّل هدفاً بهذه الطريقة أمام تينريفي عام 2010 حين ارتقى لكرة ثابتة رفعها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وكما يضع قدميه أمام تسديدات المهاجمين كذلك يفعل برأسه بين رؤوس منافسيه من الفرق الأخرى، فقلما يحصل البرشا على ركنية دون أن يشارك صاحب الرقم 5 باحتمالات إصابة المرمى المقابل، وكان هدفه على ريال سرقسطة في المرحلة الثالثة عشرة من الدوري هو الوحيد بإحدى القدمين من الأهداف الأربعة الأخيرة له في "الليغا"، ويدين كابتن البرشا بهذا الهدف لزميله المالي سيدو كيتا الذي مرر له كرة رأسية حاسمة.
عادة، ما تتسم محاولات المدافعين الهجومية "بتركيز أقل" نظراً لإعتيادهم على بذل جهدهم الفكري في كيفية قطع الكرات أكثر من التصويب على المرمى، إلا أن "الحالة الكتالونية" العامة في ذهنية اللعب الهجومي بقيادة المدرب جوسيب غوارديولا زادت من دقة تصويبات بويول. يدل على ذلك تسجيل بويول لـ 6 أهداف (منذ تسلم المدرب الشاب قيادة الدفة) من أصل 11 عموما في مسيرته.
عقليته الرابحة وقدرته على قيادة المجموعة من أهم ميزاته الذهنية. كما وأنّ قوّة شخصيته الكروية في الملعب والحضور البدني الممتاز حتى مع اقترابه من سن الـ 34 أغنيا مسيرته الكروية التي قص شريط افتتاحها عام 1999 وبلغت 534 مباراة في مختلف البطولات.
وقد لا تكون أهدافه ذات طابع حاسم دائماً، لكنها مميزة في أغلب الأحيان. وربما على عشاق برشلونة أن يشكروا المدرب الهولندي لويس فان غال على إتاحة الفرصة لبويول لتمثيل الفريق الأول بعد أربعة أعوام قضاها في برشلونة "ب".
ورغم أنه صرح مؤخراً بإمكانية استمراره في الملاعب حتى سن 65 ممازحاً بذلك الصحفيين والجمهور، لكن بقاء بويول لاعباً على العشب الأخضر لأربع أو خمس سنوات أمراً متاحاً- حسب تصريحه - بسبب العطاء البدني المشهود له.
هذه المسيرة المظفرة في تاريخ "قلب الأسد"، جعلته رمزاً كتالونياً وإسبانياً وستكون لحظات اعتزاله صعبة جداً على جميع عشاق اللعبة، وحتى ذلك الوقت سيتاح لـ"قلب برشلونة" المزيد من التدخلات الهجومية الشجاعة، وحصد المزيد من البطولات.