من الصعب تخيّل 22 موسماً في فريق واحد دون مشاكل تُذكر، لكنه واقعٌ الحال بين الاسكتلندي أليكس فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد ولاعبه الويلزي راين غيغز، الذي جدّدَ للموسم الثالث والعشرين على التوالي.
ولا يبدو هذا التجديد مجاملةً أو تكريماً لللاعب الأسطورة، بل إيماناً بقدرته على لعب الأدوار ذاتها التي كان يلعبها بداية مشواره مع الكرة، واستمراراً لسياسة المدرب الاسكتلندي في الاعتماد إلى أسلحته القديمة، فقبل غيغز كانت عودة بول سكولز عن الاعتزال، وتجديد الثقة في البلغاري ديمتاري برباتوف.
ولم يخرج كابتن "يونايتد" من حسابات مدربه هذا الموسم، فكان حاضراً في 23 مباراة في مختلف البطولات، وهو رقم جيد للاعب وصل إلى عامه الثامن والثلاثين -أكبر العناصر الموجودة في الفريق-، ورغم عدم تسجيله أكثر من ثلاثة أهداف حتى الآن، إلا أن غيغز لا يزال يحتفظ بالكثير من السّرعة و المهارة في الرّواق الأيسر، واللتين عُرف بهما منذ موسمه الأول في "أولد ترافورد" عام 1991.
إذا عدنا إلى قصة قدومه من مدرسة المُنافس اللّدود مانشستر ستي، نجد أن الفتى الويلزي القادم أظهر ولاءه للنصف الأحمر من المدينة منذ الطفولة، فكان يرتدي قميصاً أحمراً في كثير من الأوقات، ما أثار غضب مدربيه في "ستي" آنذاك.
وذات ليلة، لم يصدق ابن العاصمة الويلزية كارديف (التي قضى فيها السنوات السبع الأولى من عمره فقط)، أن الطّارق على باب بيته في مانشستر هو المدرب فيرغسون، ضمن الجولة الاستكشافيّة للأخير في المدينة.
ويقول غيغز عن تلك القصة: "كنت أشاهد التلفاز مع والدتي حين طُرق الباب، فقد أتى السير أليكس فيرغسون طالباً مني التوقيع له كلاعب مدرسي عام 1987، وقضيتُ باقي تلك الليلة أتحدّث في الهاتف لأخبر كل الناس عن ذلك".
وفيما بعد، حين بدأت مواهب غيغز بالظهور، اعتبر النقّاد قرار التوقيع له أحد أكثر القرارات الموفّقة التي قام بها المدرب العجوز، فهو اللاعب الوحيد في التاريخ الذي حصل مع فريقه على 12 لقباً في الدّوري المحلّي، كان أولها عام 1993، إضافة إلى لقبين في دوري أبطال أوروبا (1999 و2008) و4 ألقاب في مسابقة كأس انكلترا و4 في كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، وكأس السوبر الأوروبية (1991)، والكأس القاريّة (1999)، وكأس العالم للأندية (2008).
ومنذ ارتداءه للقميص الأحمر في الثاني من آذار/مارس 1991 عندما دخل بديلاً للمدافع الأيرلندي دينيس إيروين في المباراة التي خسرها فريقه أمام ايفرتون 0-2، لا ينفك فيرغسون عن كيل المديح للاعبه، فـ"السير" يتحدث عنه "كما لو أنه قريب من المثالية" تلك الجملة التي يكرّرها دائماً في أي محفل يُسأل به عن غيغز، مُعتبراً إيّاه خير مثال لللاعب الذي تأقلم وفق المتغيرات التي طرأت على اللعبة عموماً، وعلى أسلوب لعب الشياطين الحمر. يقول فيرغسون "إنه من المستحيل إلى حد بعيد استبدال لاعب مثل راين غيغز، فقلّما تجد لاعبين مثله، إنه لاعبٌ نادر".
في 21أيار/مايو 2009 زجّ فيرغسون بغيغز في الدقائق الثلاث الأخيرة من الوقت الأصلي لنهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا أمام تشلسي بدلاً من سكولز، ليخوض الويلزي مباراته رقم 759 مع "الشياطين الحمر" ويحطم بالتالي الرقم القياسي المُسجَّل باسم نجم الفريق السابق بوبي تشارلتون (758 مباراة بين 1956-1973). و بعد مشاركته أساسياً ضد ليفربول أمس السبت (انتهت بفوز الشياطين الحمر 2-1) يحتاج غيغز لمباراة واحدة فقط حتى يصل إلى المباراة رقم900 في قميص "يونايتد".