بعد ثلاثة مواسم عِجاف على صعيد الدوري المحلي، قد خالها عشّاق الـ"ميرينغي" الضعف أو أكثر، يبدو ريال مدريد هذا الموسم سائراّ بثبات نحو استعادة مجده الضائع، ومعه سيستعيد، إن تكللت مسيرته بالنجاح، "ملَكيّته" بحق بعد بضع سنوات كان فيها بلا عرش.
انقضت لحينه ثلاث وعشرون مرحلة من الدوري هذا الموسم، نجح خلالها ريال مدريد في ايجاد هوّة 10 نقاط مع وصيفه برشلونة، وهو فارق مريح جداً، نظرياً وعملياً لتحقيق تتويج منتظر منذ العام 2008، تاريخ آخر لقب في الـ"ليغا" مع الألماني برند شوستر الذي رغم انجازه، تمت إقالته في المرحلة 14 من الموسم التالي من نفس العام لمصلحة خواندي راموس، بسبب تلقي الفريق ثلاث خسارات في أربع مباريات متتالية في الدوري زادها سوءاً تصريح المدرّب الألماني قبل كلاسيكو الذهاب وقتها أنّ هنالك استحالة للفوز على برشلونة في الـ"كامب نو".
فمن الناحية الهجوميّة تمكنت الآلة المدريدية من تسجيل 79 هدفاً في 23 مباراة بمعدّل 3.4 أهداف ومع تبقي 15 مرحلة ستكون الفرصة متاحة أمام فريق العاصمة لتحطيم رقم تلامذة المدرب الويلزي جون توشاك 1989-1990 حين سجّل لاعبو ريال 107 أهداف في طريقهم للتتويج بلقب الدوري.
ولعلّ ريال مديناً بشكل كبير لفعاليّة البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي بلغت أهدافه في الدوري 28 هدفاً حتى الآن، وبدوره سيكون مرشحاً بقوّة لتعزيز رقمه كأفضل مسجّل في الدوري الإسباني خلال الموسم الواحد، علماً أنّ رقمه يبلغ 40 هدفاً سجّله الموسم الماضي كاسراً رقم المكسيكي هوغو سانشيز البالغ 38 هدفاً المسجّل مع توشاك 1990، لكنّه يواجه منافسة شرسة من أفضل لاعبي الكرة الأرضية، نجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي رفع غلته إلى 27 هدفاً بعد رباعية معتبرة في مرمى فالنسيا ليلة الأحد في الجولة 23.
ولا ريب أنه لم يكن لهذه النتائج بأن تتحقق لولا وجود تشكيلة مميزة هجومياً عمادها الألماني مسعود أوزيل والأرجنتيني انخل دي ماريا اللذين حققا سوية 24 تمريرة حاسمة (11 و13 على التوالي)، ساعد في تنفيذها إلى جانب النجم البرتغالي صاحب التمريرات السبع، وجود الأرجنتيني الآخر غونزالو هيغوايين (14 هدفاً) والفرنسي الموهوب كريم بنزيمة (13 هدفاً و5 تمريرات حاسمة).
تلك الغزارة في هز الشباك، يقابلها منطقياً عدد وافر من النقاط قد يحطّم في النهاية الرقم القياسي المسجّل في الموسم الواحد والذي يحمله برشلونة بمجموع 99 نقطة، حققه موسم 2009-2010 والرقم القياسي للملكي بطبيعة الحال. فرجال البرتغالي جوزي مورينيو حصدوا بعد 23 مرحلة 61 نقطة وتتبقى 45 أخرى متاحة وهم لم يفقدوا منذ 24 أيلول/سبتمبر الماضي إلا ثلاث نقاط في 18 مباراة كانت أمام برشلونة (1-3 في مدريد) و7 عموماً لحينه (الخسارة الأخرى أمام ليفانتي 0-1).
وإن تمّ رقم قياسي بعدد النقاط، سيصاحب ذلك رقم آخر في عدد الانتصارات ضمن الموسم الواحد والبالغ الآن 31 فوزاً مشاركة بين ريال وبرشلونة سجلاه موسم 2009-2010، ويحتاج الفريق الملكي إلى 12 انتصاراً من مبارياته الخمس عشرة المتبقية للتميّز عن غريمه، خصوصاً أن في رصيد برشلونة لحينه 15 فوزاً وبالتالي ليس بمقدوره حتى معادلة الرقم السابق.
كل تلك الأرقام إن كتب لها أن تتحقق إلى جانب أخرى يطول ذكرها، لن تمحو من بال متابع خصوصية الكرة الإسبانيّة المعلومة من القاصي والداني: أن يتوّج فريق ما بطلاً للدوري دون هزيمة ريال مدريد أو برشلونة، يعني أن قيمة الانجاز ناقصة أو "مبتورة". هذا أقلّه وفقاً للتقاليد السائدة في مفهوم البطولة المحليّة وليس تبعاً للسجّلات الرسمية.
وما ذكر، ينطبق جزئيّاً على جميع فرق الـ"ليغا" المحدودة الطموح والقدرات، وحصرياً بشكل كلّي على العملاقين ريال وبرشلونة، ما يعني أن أي تتويج لأحدهما دون تسجيل ولو نصر واحد على غريمه يترك مجالاً لأنصار الفريق الآخر في "الحطّ" أو التقليل من قدر إنجاز البطل مهما كان شأن الأرقام المسجّلة من الأخير عظيماً.
ورغم أن التقليد يساوي عادة بين الغريمين، إلا أن وضعهما الحالي لا يتساوى وما يصح قوله عن "حسابات ريال لا ينطبق على بيادر برشلونة" لسبب غير خفي يتمثل بالهيمنة الكاتالونية في المواسم الثلاثة الماضية والتي ترجمت كؤوساً وانتصارات محلية وقارية وعالميّة جعلت الفريق المدريدي يرزح تحت وطأتها نفسياً وهو الساعي لكسرها بكل المعايير الممكنة إن من ناحية التتويج أو في كسب بعض جولات الحرب المفتوحة المباشرة أي "الكلاسيكو".
وبسبب خاصيّة الحرب المفتوحة، يبقى لأرقام شوستر حنينٌ مدريدي خاص، خصوصاً أنه آخر من قاد الملكي للفوز على الكاتالوني في الدوري عام 2008، ذهاباً وإياباُ وهو أمر لم يحدث قبل ذلك منذ العام 1983 أيّام العظيم الأرجنتيني الفريدو دي ستيفانو.
ريال خسر الجولة الماضية في 10 كانون الأولّ/ديسمبر 2011 في المرحلة 16 على أرضه حيث لم تفده الحوافز والأرقام الاستثنائية في ظل نكران برشلونة لها وهو سيحاول الاستمرار في عدم الاعتراف بها إياباً في عرينه ضمن المرحلة 32، لا لشيء إلا لمنع المدريديين من لذّة كاملة للقب "استثنائي" يبدو أقرب من أي وقت مضى لخزائنهم الظمأة لكأس إنجازها غير "مبتور".