أكّد الألماني ثيو بوكير مدرّب منتخب لبنان لكرة القدم أنّه ذاهب للإمارات بنيّة الفوز دون التفكير بمباراة كوريا الجنوبية والكويت التي ستجري في الوقت نفسه في سيول، رافضاً المخاوف اللبنانية التي يتداولها الإعلام المحلي عن مساع للإطاحة بلبنان من التصفيات.
وجاء كلام بوكير في لقاء مطوّل خصّ به "موقع الجزيرة الرياضيّة"، على هامش تواجده في الدوحة لقيادة لبنان في معسكر مغلق تمهيداً للقاء الإمارات في التاسع والعشرين من شباط/فبراير الحالي، ضمن الجولة السادسة والأخيرة من مباريات المجموعة الثانية المؤهلة للمرحلة الحاسمة من تصفيات القارة الآسيوية لمونديال 2014 في البرازيل.
وقال المدرّب الألماني إنّه لا يكترث لكل ما يقال في الإعلام عن مخاوف وغيرها فهو يركز على مباراة الإمارات حيث سيلعب للفوز وضمان التأهل دون الاعتماد على نتيجة الكويت وكوريا الجنوبية، لأن "لبنان يملك ورقة عبوره بيده ويتمسك بها" معتبراً في المقلب الأخر أن أي خسارة لكوريا قد تضعها خارج المونديال إذا لم يخسر لبنان مع الإمارات "وسيكون الأمر حينها كارثياً بالنسبة لهم"، خصوصاً أنّهم أقدموا على إقالة مدربهم بعد السقوط في بيروت في الجولة الخامسة (1-2) لإنقاذ منتخبهم من فشل محتمل.
والجدير ذكره أن فوز الكويت وعدم خسارة لبنان يطيح بالكوري الجنوبي خارج التصفيات لأوّل مرة في حين أن تعادل كوريا الجنوبية يؤهلها إلى المرحلة الحاسمة مع لبنان الذي سيخرج إن خسر من الإمارات وفازت الكويت على كوريا الجنوبية في سيول.
وأوضح بوكير أنه وضع أسساً واضحة وغير ملتوية منذ تسلم دفة تدريب المنتخب اللبناني، فهو لا يهتم أو يكترث "إن كان اللاعب شاباً أو متقدماً في السن، تربطه صلة صداقة بعائلته أم لا... كل ذلك لا يهمني" موضحاً "اللاعب المستعد أن يجري تسعين دقيقة ويلتزم بالضوابط التكتيكية، ويعرف أدواره متى يهاجم ومتى يدافع ويكون أفضل الموجودين، يستطيع أن يكون في المنتخب، مشدداً "أريد عطاءً لا نجوماً".
مواجهة النصر
وتعليقاً على قرار المدرب البرازيلي لمنتخب قطر باولو اتوري في الاعتذار عن اللعب مع لبنان، اعتبر أن المنتخبات والفرق تعد من خلال المباريات التي تعتبر أهم من التمارين إذ أن "ما يقوم به خلال التدريب أمر مختلف عما يجري في اللقاءات" لكنّه أبدى احترامه للأسباب التي دفعت المدرّب البرازيلي للاعتذار.
وكان باولو اتوري المدرّب الجديد لمنتخب قطر قد فضّل إلغاء مباراته مع لبنان التي كانت مقررة اليوم الخميس، معتبراً أنه بحاجة لإجراء تمارين أكثر مع اللاعبين كما أنّه كان يتحضّر مع المنتخب الأولمبي الذي يشرف عليه أيضاً لمبارة السعودية ضمن تصفيات أولمبياد لندن والتي انتهت عنابيّة 2-1 أمس الأربعاء.
وأكد أن مخطط التحضيرات اللبنانيّة سيتأثر بالطبع لكنّ الجهاز الإداري والفني أجرى اتصالاته لتأمين البديل على عدة مستويات وجهات وستكون المواجهة مع فريق النصر السعودي الذي يعسكر في الدوحة، وستجري المباراة يوم السبت في الخامس والعشرين من الحالي على ملعب نادي الأهلي في تمام الساعة السادسة والنصف مساء بتوقيت مكّة المكرّمة.
دفاع او هجوم؟
وحول النهج الذي سيتبعه خلال لقاء الإمارات إن كان الهجوم أو الدفاع، قال إنه بشكل عام لا يفكر بأي مباراة إن كانت على أرضه أو خارجها أو إن كانت في بطولة أو كأس، فبمعزل عن تصنيفها وأهميتها "نحن نلعب كل مباراة بهدف الفوز. نريد الفوز بكل المباريات، هذا هدفنا. أما بشأن تقديم عرض جيّد فيتوقف ذلك على مدى نجاح المنافس في السماح لنا باللعب جيداً أم لا".
وأضاف "سنذهب لأبو ظبي كي نلعب ونفوز". موضحاً أنّه سيرى كم سيكون المنافس صعباً وقوياً وكيف سيتعامل حينها مع الوضع: "في البداية سنبادر ونؤدي بأسلوبنا، ثم سيكون لنا ردة فعل طبعاً لنوعية مستوى المنافس. لا أفكر كثيراً بالمنتخب الآخر قبل المباراة لأنني لا اعلم كل تفاصيل لاعبيه، قد يكون لديه إصابات أو لاعبين ليسوا في مستواهم المعهود أو لاعبين جدد لا أعرفهم..بالنسبة لي سنذهب لننفذ تكتيكنا ونتعاطى مع المباراة طبقا لمجرياتها." لكنّه أقرّ أن اللقاء لن يكون سهلا أبداً خصوصاً أن الإمارات ستسعى للثأر لخسارتها في بيروت 1-3 رغم أنها لا تنافس على إحدى بطاقتي العبور منبهاً أنّه يجب توخي الحذر في اللقاء القادم خصوصاً أن تجارب السنوات السابقة ليست إيجابيّة للبنان ولم يشأ التوقف كثيراً عند جدولة اللقاء من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم في الرابعة عصراً بتوقيت ابو ظبي، قائلاً: "في هذا الوقت يكون الجو أكثر حراً لكننا نعمل على تقديم أفضل ما لدينا".
استبعاد غدار
فيما يتعلق بعدم استدعاء المهاجم محمد غدار المحترف مع كيلانتان الماليزي، قال المدرب الألماني إن "غدار رجل رائع على المستوى الشخصي والأخلاقي. استبعاده تم لأسباب تكتيكية بحتة لم يلتزم بها في المباريات السابقة، مؤكداً أنّه لم يوصد الباب في وجهه بل استبعده مرحلياً فقط وسنراقب في المرحلة القادمة ماذا يفعل بالتحديد (في ماليزيا)".
وكشف مدرب منتخب لبنان أنّ غدار "لا يلعب في الدوري الماليزي فهو يرتبط بعقد للعب في البطولات القارية فقط" ما يعني أنّه لا يخوض مباريات كافية موضحاً أن غدار كان السبب "في الفوز فقط بنتيجة 3-1 ضد تايلند في معسكر قطر السابق ومن ثم الفوز فقط 1-0 على الكويت" خصوصاً في المباراة الأخيرة التي وبحسب قول بوكير، "لو لعب غدار فيها بشكل جماعي لكان لبنان فاز بنتيجة كبيرة. وهو كان سيترك تأثيراً كبيراً لو مرر كرات حاسمة لزملائه، لكنه كان كثير الانانية بالاحتفاظ في الكرة. نحن فريق ولسنا أفراد استعراض".
واستفاض بوكير شارحاً رؤيته: "الآن لدي 23 لاعباً منهم ثلاثة حراس مرمى، ولاعبان في كل مركز من المراكز العشرة المتبقية. وبالنسبة لتكتيكنا نحتاج لستة مهاجمين، دون شك لدينا محمود العلي كرأس حربة وحسن معتوق على الجهة اليسرى واحمد زريق على الجهة اليمنى، ومن ثم في الاحتياط نسعى لتوفير بديل قوي، ملتزم، وفي نفس المستوى ولدينا الآن نادر مطر من إسبانيا وهو يملك قدرة اللعب في كل المراكز وحسن شعيتو الذي لعب مباراة كبيرة ضد كوريا وكان أحد أسباب الفوز، ولدينا أكرم مغربي وسيرج سعيد كما يمكننا إشراك دقيق في الجهة اليسرى" وهو يرى في المذكورين أفضل الموجودين في لبنان حالياً، فاللاعب الذي يلفت نظره عليه أن يكون "بارزاً في فريقه" من ناحية التهديف والدفاع أو الحضور البدني وغيرها إلى جانب الانضباط الأخلاقي والالتزام التكتيكي واحترام المواعيد جازماً أنّه لا يجامل في انتقاء اللاعبين بل يختار الأفضل والأكثر عطاء والتزاماً وليس أسماء ونجوم.
بديل عنتر
وعن بديل رضا عنتر الذي سيغيب عن لقاء الإمارات لتراكم الإنذارات الصفراء قال بوكير "قد يكون محمد شمص الذي يقدمّ مباريات رائعة مع النجمة في الدوري اللبناني، كما قد أدفع باليافع نادر مطر" معتبراً أن الأخير قد يكون فعلاً بعيداً عن رضا لفارق الخبرة والسن إلا أنّه موهبة كبيرة جداً والتعويل عليه ممكن لأنه أظهر حتى الآن قدرته على تولي المهمة، كما اوضح أنه يمكن إسناد المهمة لأحمد زريق أيضاً أو حسين دقيق الذي يملك قدرات هامة في الوسط الدفاعي على حد قوله أو حتى حسن شعيتو الذي يستطيع اللعب خلف المهاجمين، مؤكداً وجود عدة لاعبين يستطيعون ملأ مركز رضا، لكنّه عاد وأوضح أنّه مع نهاية معسكر قطر الحالي ستكون الصورة قد توضحت عن البديل المناسب والنهائي.
الأسلوب التكتيكي
وتحدث لاعب البوندسليغا السابق عن خياراته التكتيكية واعتماده نظرياً في المباريات السابقة على وسط دفاعي واحد هو هيثم فاعور بتشكيل 4-1-4-1 فقال: "التشكيلات الرقمية غير موجودة في قاموسي الكروي ولا أعترف بها بتاتاً، فقط الهواة يتحدثون عنها. فالتشكيلة الاولية هي فقط قبل بداية اللقاء، وما إن يأذن الحكم ببدء المباراة تختلف المعطيات ويكون لكل لاعب دوره وعليه لا تعود الأمور كما بدأت".
وأردف شارحاً نظريته القائمة على مبدأ أسماه بـ"p&p" أي اللعب والضغط "playing and pressing" وفيها يتحرّك الفريق ككتلة واحدة بهدف الضغط على المنافس واستخلاص الكرة منه والاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة من خلال تناقلها مراراً وتكرارً حتى يتم إيجاد ثغرة للتسجيل منها وليس للتصويب، بل التسجيل بأسهل طريقة ممكنة على حد قوله مركزاً على أهمية قدرة الفريق على التحول سريعاً من الدفاع إلى الهجوم أو العكس وفقاً لمعطيات اللعب وكيفية العمل على استرجاع الكرة بعد خسارتها فالاستحواذ أمر هام جداً، وهنا تبرز أدوار اللاعب التكتيكية وتكون بخلاف ما توحي به خطة البداية الرقمية خصوصاً حين يعرف اللاعب أن يوظف قدراته الفنيّة والبدنيّة ليعرف متى عليه الركض وكيف يركض بأي اتجاه وأي سرعة وكيفية الجري في المساحات الخالية وتوزيع التمريرات.
نفضة المنتخب
وشرح الرجل الستينيّ كيف استطاع النهوض بالمنتخب اللبناني وجعل جميع المنتخبات الباقية تحترمه كمنافس قوي رغم شح الدعم المادي بأشكاله كافة، فرأى أنّه لا يمكن تكوين منتخب قوي من النجوم والأسماء، والمال لا يصنع الانجازات وإلا لكان ريال مدريد يفوز كل عام بكل البطولات. وأوضح أنّه من خلال التحدث للاعبين والتكلم معهم باستمرار وتعليمهم، تمكّن من تطويرهم، "فنحن لا نقوم كما يظن الجميع بتدريبات قوة وجري وتحمل وغيرها، نحن في وضع يتطلب تعليم اللاعبين وهذا ما فعلته" وأوضح أنّ ما يساعده هو "تواجد جميع لاعبي المنتخب في بيروت وهذا أمر استثنائي ويساعد على تجمع المنتخب مرتين أسبوعياً".
وتابع: "حين بدأت، قلت للاعبي المنتخب اللبناني لا أريد أن أسمع منكم تذمراً أنه لا توجد لديكم تسهيلات وأموال ورواتب جيدة. أعرف هذا كله. أعرف أنكم لا تكسبون مالاً كافياً. لكن أصغوا إلي من خلال خبرتي -إن أردتم الفوز لستم بحاجة للمال- وهذا ما حصل". وأوضح أنه وظف كامل خبرته للنهوض بمستوى لبنان فالعالم يستغرب كيف ممكن لدولة لا تمتلك بطولة قوية وليس لديها التسهيلات والمنشآت الجيدة أن تفعل ما فعلت، معتبراً أنّه هو السبب في هذا التحوّل لأنه نجح في تغيير شيء إذ جمع 25 لاعباً حوله يستمعون إليه فقط، واقتنعوا بما قاله لهم، واصفاً اللبناني "بالذكي جداً والناجح في كافة المجالات" والقابل للتعلّم بسهولة ومن هنا كان متأكداً ومؤمناً أنّ اللاعب اللبناني يستطيع أن يكون ذي شأن بخلاف ما كان يظن العالم أن لبنان "ضعيف جداً" في كرة القدم، فالحاجة كانت "للتعلّم ومعرفة ماذا نريد".
وأكد أنّه باستطاعة العديد من لاعبي المنتخب اللبناني الاحتراف بأوروبا إذا ما توفرت لهم العوامل الأساسيّة للتطوّر، فالمواهب الأوروبيّة لا تقل شأناَ أبداً برأيه إنّما الفارق أنه يتوفر لها سبل وعوامل النجاح بخلاف اللاعب اللبناني.
بين ألمانيا ولبنان
وتطرق إلى أسلوبه في المقاربة بين العقلية الألمانيّة الصارمة والمنظمة ونظيرتها اللبنانيّة الهاوية، فقال "الأمر سهل جداً, فأنت تستطيع تعليم النظام لشخص آخر عندما تكون أنت منظم. مثلاً لا يمكن أن أكون بديناً وأدخّن ثم أقول للاعبين -اركضوا يا كسالى- حينها سيهزؤون بي".
وأضاف يجب أن تشارك كي تطوّر الآخر و"أنا أشارك مع المنتخب في التمارين..أنا اليوم كلاعب أفضل مما كنت عليه في الدوري الألماني لكن بطيء طبعاً كوني متقدم في السن. فإذا لعبت في دائرة صغيرة أستطيع أن أكون -الملك- فيها واللاعبون يستغربون كيف أؤدّي رغم أني أكبر من أبائهم" موضحاً أن ذلك يؤدي مع الوقت لإكساب اللاعبين صفات انضباطية جديدة.
الموهبة العربية
وبموازاة المنتخب اللبناني، تناول بوكير في حديثه اللاعب العربي عموما وانعكاس سلوكيات حياته اليوميّة على مستواه مع منتخبات بلاده، فاعتبر أنه من خلال خبرته التدريبية في الشرق الاوسط وجد أن اللاعبين العرب موهوبون جداً وعلى مستوى عالمي ويملكون قدرات بدنية استثنائية أبرزها السرعة التي "تفوق بمراحل كثيرة جداً" نظراءهم في أوروبا لكن الفرق بينهم أن اللاعب العربي عموماً غير منظم في حياته اليومية، فالجسم كي يعطي مردوداً جيداً يجب أن تؤمن له حاجياته الأساسية، وأبرزها النوم بشكل كاف والطعام الصحي الضروري لسد احتياجاته، موضحاً أن أي اختلال في النوم ليلة واحدة يحتاج في المقابل لعشرة أيام وحتى 12 يوماً للاستشفاء والعودة للحالة الطبيعية وهذا ما يؤدي إلى انهيار المستويات مهما بلغت قابليتها الطبيعية.