المعلوم أن هناك طرقا عديدة لتنفيس الكروب، كالتمرينات البدنية والحمام الساخن والتدليك. وقد تبين أيضا أن التنفس البطئ العميق لا يحقق الاسترخاء فقط،
بل ثبت علميا تأثيره الإيجابي في القلب والدماغ والهضم والمناعة، وربما تعبير الجينات، بحسب تقرير الإذاعة القومية (الأميركية) العامة.
يقول ملادِن غولوبتش، الطبيب بمركز الطب التكاملي التابع لعيادة كليفلاند، إن للتنفس تأثيرا عميقا في وظائف الأعضاء (الفسيولوجية) وصحة الإنسان، بحيث يؤثر على أمراض الربو والانسداد الرئوي المزمن وفشل القلب. وقد أظهرت دراسات أن مرضى تلك الأسقام الذين يمارسون تمرينات التنفس استفادوا بها. لكن هذه التقنيات ليست جديدة.
ففي الهند، يعتبر تمرين التنفس المسمى پراناياما (pranayama) -أي التحكم في قوة الحياة- جزءا اعتياديا من ممارسة اليوغا. ويستخدمه هواتها منذ آلاف السنين أداة للتأثير في العقل والجسد. وتُدَرِّس جودي بار اليوغا لمرضى الأسقام المزمنة بعيادة كليفلاند، بحيث تستخدم اليوغا وتمرينات تنفس اليوغا التقليدية المعدّلة لمساعدتهم في التعامل مع الألم والمرض.
تقول مدربة اليوغا إن الأنفاس العميقة توقظنا أو تزودنا بالطاقة، وتسبب الاسترخاء أو التوازن. ويبدأ أحد تمرينات التنفس باللهاث بفم مفتوح، ثم بفم مغلق، ثم عبر فتحتي الأنف، وهكذا، وقد يشعر المرء بالدوار لمجرد المشاهدة. بعد ذلك، تقول المدربة إنها أيضا تشعر ببعض الدوار لكنها مشحونة بطاقة تكفي للركض مسافة جيدة.
وكانت أبحاث قد أظهرت أن لمثل هذه التمرينات تأثيرات مباشرة عن طريق تغيير درجة حمضية الدم أو مستويات ضغط الدم. لكن الأهم هو إمكانية استخدامها وسيلة لتدريب استجابات الجسم للمواقف العصيبة، وكبح إنتاج هرمونات الكروب الضارة. وتقول أستير سترنبرغ، وهي طبيبة ألفت عدة كتب حول الكروب والشفاء منها وباحثة بالمعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH)، إن التنفس السريع محكوم بواسطة الجهاز العصبي الإرادي، وهو جزء من الاستجابات التي تنشط بالتوترات والكروب.
بالمقابل، يحفز التنفس البطئ العميق استجابة عصبية لا إرادية مضادة ومهدئة أيضا. وتضيف الدكتورة سترنبرغ أن الاستجابة المهدئة محكومة بواسطة أعصاب أخرى أهمها العصب التائه (Vagus)، ويعمل كفرامل أو كوابح للكروب. فعندما يتعرض الفرد للكروب والإجهاد ويأخذ أنفاسًا بطيئة وعميقة، تقوم هذه الأنفاس بدور الكوابح.