بعض أنواع الطعام لها علاقة مباشرة بالمزاج السيّء ، هذا ما توصل إليه مجموعة من الباحثين من جامعة مدريد، الذين كشفوا أن استهلاك الجسم لكميّات من الدهون غير المشبّعة يزيد من خطر الاكتئاب.
بالمقابل فإن الدهون المشبّعة الصحيّة وزيت الزيتون تؤدّي دوراً معاكساً ، وقد تساعد المرء على الشعور بالمرح والسعادة.
هذه لمحة عن أبرز النواقل العصبية في المخ والتي تؤثّر على شعورنا بالجوع وعلى حالاتنا المزاجية تجاه الطعام ، يقدمها رئيس قسم الكيمياء الحيوية في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور جلال أعظم جلال في حديثه مع مجلة "سيدتي".
- "النورإبينفرين": ناقل عصبي مسؤول عن زيادة قدرة المخ على الانتباه والتركيز وتحفيز النشاط في الجسم، بما يمكّن الفرد من اتّخاذ ردّ الفعل المناسب حيال بعض المشاعر السلبية كالغضب أو الخوف الشديد.
وتشير بحوث التغذية الصادرة عن جامعة أورجون الأميركية إلى أن الغدة الكظرية تفرز هرمون النورإبينفرين في الجسم، علماً أنّه يزداد نشاطها في الصباح الباكر (بين السادسة والثامنة)، ما يؤدّي إلى استثارة الخلايا العصبية وانقباض الأوعية الدموية وتنشيط عمل العضلات الرخوة المرتبطة بها. وفي هذا الإطار، ينصح الباحثون بعدم الإكثار من تناول الأطعمة المحتوية على نسب عالية من السكر المكرّر الخالي من المغذّيات الضرورية والذي ثبت أنه يصيب الغدة الكظرية بالإرهاق، وبالتالي الإحباط والخمول وفقد التركيز وضعف الانتباه.
- "السيروتونين": ناقل عصبي مسؤول عن بعث الشعور بالسعادة في المخ وتحسين الحالة المزاجية.
وقد أشارت دراسة صادرة حديثاً عن جامعة كاليفورنيا UCLA إلى أن ارتفاع الحال العصبية الكيميائية في المخ يساعد بشكل مباشر في التحكّم في نوعية الطعام المتناول، وبالتالي تجنّب الأطعمة الضارّة المحتوية على نسبة عالية من الدهون المشبّعة أو المواد السكرية والتي يؤدّي الإفراط في استهلاكها إلى موت بعض الخلايا العصبية والتسبّب في عطل بعض المناطق المسؤولة عن عمليات التفكير التي تحتاج إلى درجة عالية من التركيز. ومن جهة أخرى، يشير العلماء إلى أن فيتامين حمض الفوليك يعمل على زيادة إنتاج السيروتونين في الجسم، وهو متوافر في كبدي البقر والدجاج والسبانخ واللوبياء المجفّفة والفول السوداني.
- "الدوبامين"?: ناقل عصبي في المخ يعطي الشعور بالبهجة والمرح والرضا، كما يقلّل من الشعور بالألم والاكتئاب، تفرزه الغدّة النخامية. ويربط الباحثون في جامعة هارفارد الأميركية بين هرمون الدوبامين والإصابة بالسمنة من خلال دراسة تثبت أن الأشخاص البدناء يعانون من نقص في مستقبلات الدوبامين والتي تتحكّم بالسلوك الغذائي ودرجة الشهيّة ومعدّل الحركة ونوعيّة العواطف. ومن هذا المنطلق، يوصي الخبراء بضرورة الإهتمام بتناول الأطعمة التي تحتوي على مركبات فيتامين B بأنواعها والتي تتواجد بكثرة في حبوب القمح والخميرة النباتية والبازيلاء الخضراء والزبادي والملفوف والأجبان والأسماك والبروكولي والحبوب الكاملة.
- حمض "جاما أمينو بيوتيريك": حمض أميني وناقل عصبي مسؤول عن تنظيم الوظائف الحيوية، وهو ضروري لعمليات الأيض في المخ. يستخدم في علاج ضغط الدم المرتفع والصرع وضعف الانتباه لتأثيره المضاد للقلق والتوتر. ووفقاً لمؤسسة بحوث الأعشـاب الأميركيـــة، يعدّ الشاي الأخضر من بين أفضل المصادر الغذائية التي تمدّ الجسم بهذا الحمض.
- "أكسيد النيتريك": مركّب كيميائي مكوّن من غاز طبيعي يبعث على التأمّل والهدوء النفسي، ما يعمل على تهدئة الأعصاب واسترخاء الأوعية الدموية في الجسم. وتعدّ الأسماك من بين أهم المصادر الغنيّة بـ «أكسيد النيتريك» لاحتواء لحمها على الأوكسجين المكوّن الرئيس في تركيبه، كما يتوافر في اللحوم الحمراء والدجاج والديك الرومي والألبان.
قاومي الأرق بالموز:
شعورك بالقلق والإرهاق وغيرها من الأحاسيس المتقلبة لا يعني تناول الأدوية الكيميائية بمختلف أنواعها كما يقوم البعض، ولكن يكفيك التعامل مع المواد الغذائية بمطبخك.
ويؤكد الدكتور خالد المنباوي استاذ طب الأطفال واستشاري اعصاب الأطفال بالمركز القومي للبحوث بحسب جريدة "الأهرام" أنه بإمكانك مقاومة الأرق بالموز والزبادي، وتحسين مزاجك بشرب الماء ، كما يمكن التغلب علي الخمول والإحباط بأكل الأسماك والطيور، والتخلص من النرفزة والقلق بتناول عسل النحل.
وتحت عنوان "الغذاء والمزاج" ألقي دكتور المنباوي محاضرة تناولت علاقة التغذية بالحالة المزاجية للإنسان وذلك ضمن فعاليات المؤتمر السنوي التاسع لشعبة البحوث الطبية بالمركز التي عقد مؤخراً.
وقد يتساءل البعض : ماهي أهم الأغذية والمشروبات التي تؤثر فعليا علي الحالة المزاجية؟ والإجابة كما قال الدكتور خالد في محاضرته أن الماء يعتبر من أهم ما نتناوله ويؤثر ايجابيا علي المزاج, وكذلك السكر والكافيين والشيكولاتة إلي جانب الخضراوات والفواكه وذلك بالإضافة الي المأكولات البحرية الغنية بالزيتون والأحماض الدهنية المفيدة.
وعن أفضل الأغذية والمشروبات التي تؤثر ايجابيا علي الحالة المزاجية لمن يعاني من الاضطرابات العصبية وحالات الرعب والفزع بدون سبب فقد لخصها كالآتي:
الاهتمام بزيادة تناول ما يحتوي منها علي الكالسيوم والماغنيسيوم والبوتاسيوم لأن هذه العناصر تقل في حالات القلق والضغوط النفسية وهي توجد في الموز والبروكلي والأرز الغامق, والأسماك, والخميرة والأفوكادو والزبادي ومنتجات الصويا والفواكه المجففة.. بالإضافة الي الاغذية الغنية بفيتامين ج والريبوفلافينويد.. والتي توجد في الكريز والتوت والعنب الأحمر والموالح.
وأشار د.خالد إلي ضرورة أن يتناول هؤلاء الذين يعانون من الاضطرابات العصبية والرعب والقلق كميات مناسبة من الكربوهيدرات المختلفة والحليب والفواكه المجففة لاحتوائها علي الأحماض الأمينية وعلي رأسها حمض التريبتوفان الاساسي والحيوي لتكوين وتصنيع هرمون السعادة "السيروتينين" الذي يخفف من القلق والنرفزة ويعتبر من المهدئات.. كما يمكن لعسل النحل أيضا أن يؤدي هذا الدور, فهو مهديء طبيعي للحالة العصبية للإنسان.
كما ينصح بالإقلال من تناول الدهون المشبعة لتحسين حالة هؤلاء الذين يعانون من تلك الاضطرابات العصبية والرعب والقلق بدون سبب والامتناع أيضا عن تناول الأغذية التي تحتوي علي كميات من الكافيين مثل القهوة, الشاي الثقيل, الشيكولاتة,الكولا, وايضا المشروبات الغازية والمعلبات بصفة عامة وذلك للحد من تلك الأعراض السابقة.
وفي حالات الأرق التي قد يعاني منها البعض فإن تناول الأغذية الغنية بفيتامين ب6 والنياسن والتريبتوفان يساعد علي النوم والاسترخاء وتوجد في الموز والزبادي واللبن والتونة. بالإضافة الي الامتناع عن التدخين وعدم الإفراط في تناول الشيكولاتة, الطماطم, السبانخ, البطاطس والسكريات لإحتوائها علي عنصر التيرامين والذي ينشط خلايا المخ.
أما الاحباط والخمول الذي قد ينتاب البعض فينصح د.خالد أصحابه بتناول الأغذية الغنية بالبروتينات والدهون الأساسية, بالإضافة الي أغذية غنية بحامض الفوليك مثل السلامون والأسماك بصفة عامة وتناول الطيور وعلي رأسها الدجاج والرومي, والألبان المجففة الخالية من الدسم والأجبان والبيض وأيضا المكسرات.