من المواجهات الثنائية المثيرة للاهتمام في مباراتي قبل النهائي لدوري أبطال اوروبا لكرة القدم تبرز المنافسة بين مدربين لديهما تاريخ مشترك وأسلوب عمل متماثل لكن لكل منهما شخصية تتناقض مع شخصية الآخر.
وحين تدور رحا المواجهة بين عملاقي دوري الدرجة الأولى الاسباني في مباراة الذهاب باستاد سانتياجو برنابيو في مدريد غدا الأربعاء وهي ثالث لقاءات القمة بينهما في 18 يوما سيقف ابن قطالونيا وصاحب الوجه الجاد بيب جوارديولا مدرب برشلونة مرة أخرى في مواجهة البرتغالي جوزيه مورينيو صاحب التعليقات المثيرة للجدل.
ويقول أخصائيون في علم النفس الرياضي وخبراء تدريب إن المدربين اللذين يحظيان بولاء كبير من اللاعبين لديهما مهارة وضع برنامج تدريبي يساعد على إخراج الأفضل من التشكيلة العامرة بالمواهب في كل طرف.
والفرق الرئيسي هو سلوك كل منهما خارج الملعب وفي المؤتمرات الصحفية والمقابلات.
ويبادر مورينيو الذي تبدو ثقته بنفسه أحيانا كالغرور بالهجوم مباشرة ويتهم حكاما بالمحاباة وينتقد سلطات كرة القدم لعدم منح اللاعبين راحة كافية بين المباريات ويصطدم بمدربي الفرق الأخرى وحتى بمسؤولين من داخل ناديه.
وتبدو استراتيجيته قائمة على صراع ذهني يكافح خلاله للقيام بواجباته وحماية لاعبيه والتأقلم في نفس الوقت مع درجة عالية من الصعوبة.
وعلى النقيض لا يوجه جوارديولا رقيق الكلمات انتقادات إلا نادرا ويتحلى عادة بالأدب والاحترام في تعامله مع المنافسين ويندر أن يفقد السيطرة على أعصابه علنا.
وقال خواكين دوسيل خبير علم النفس الرياضي في جامعة فيجو بجنوب اسبانيا متحدثا لرويترز "يتصرف جوارديولا كمدرب لفريق حيث يتحلى بالجدية ويصحح سلوكه ويتعامل بحماس."
وأضاف دوسيل الذي نشر عددا من الكتب عن علم النفس الرياضي "لدى مورينيو صورة لمدرب يغير القواعد ويتعامل بأسلوب هجومي.. واضح وطموح. لكن لديهما أساليب عمل يومية متشابهة في التدريب ويقودان حصصا تدريبية تساعد في تحفيز اللاعبين على تقديم أفضل أداء على أعلى المستويات."
ولم يكن مورينيو (48 عاما) يوما باللاعب المشهور وشق طريقه كمساعد مدرب للانجليزي الراحل بوبي روبسون والهولندي لويس فان جال في برشلونة بينما كان جوارديولا (40 عاما) لاعبا مؤثرا في تشكيلة الفريق القطالوني في التسعينيات.
وبعد فوزه بدوري أبطال اوروبا مع بورتو البرتغالي عام 2004 قاد مورينيو انترناسيونالي الإيطالي للقب القاري الموسم الماضي وأطاح ببرشلونة من الدور قبل النهائي في حين توج جوارديولا بلقب دوري الأبطال في موسمه الأول مع برشلونة عام 2009.
وقال خوان كارلوس كوبيرو خبير التدريب وتطوير المواهب الذي شارك في تأليف كتاب عنوانه "مورينيو ضد جوارديولا" إن مدرب برشلونة استفاد بصورة كبيرة من وضع ناديه كرمز للوطنية والانتماء في قطالونيا.
وأضاف أن مورينيو اكثر ملائمة لصورة ريال على المستوى الدولي وهو شيء يتناسب أكثر مع أهداف رئيسه فلورنتينو بيريز لجعل النادي - وهو الأغنى في العالم من حيث الإيرادات - الأشهر في عالم كرة القدم.
وقال كوبيرو لرويترز "جوارديولا قادر على الاستفادة من الأجواء المحيطة بالنادي والتي تجعله أشبه بشركة مملوكة لعائلة."
وتابع "مورينيو ملائم أكثر لنموذج فلورنتينو وهو أكثر شهرة عالميا ويمكن أن ترى ذلك في عدد اللغات التي يجيد التحدث بها. جوارديولا شديد الولاء لبرشلونة وسيكون هكذا دائما. مورينيو ولد رحالة ويعد مثالا للبرتغالي التقليدي كثير الأسفار."
ويضيف كوبيرو أن من نقاط القوة الأخرى لدى مورينيو أنه يسعى دائما لحماية لاعبيه.
ويقول "هذا شيء تغير منذ تعيينه (في ريال) وهو شيء مؤثر جدا."
وقالت لينور جاياردو أستاذة التربية البدنية والرياضة في جامعة كاستيا لامانتشا والتي شاركت مع كوبيرو في تأليف كتاب "مورينيو ضد جوارديولا" إن المدرب البرتغالي يجيد أكثر التعامل مع الضغوط.
وأضافت جاياردو لرويترز "لقد عمل في أندية كبرى وغير وضع تلك الأندية بصورة كبيرة ويبدو مستعدا دائما للتعامل مع الضغوط."
وتقول جاياردو أيضا أن جوارديولا لا يملك خبرة في العمل بأي مكان خارج اسبانيا أو حتى خارج قطالونيا وأن ميله لبذل جهد كبير يمثل أيضا إحدى نقاط الضعف.
وتتابع "يبدو أكبر سنا قليلا في السنوات القليلة الماضية وهو شيء يمكن أن تراه في الأشخاص الذين يعملون كثيرا. هذا شيء يحتاج للحرص بشأنه لأنه يضغط أكثر على نفسه."